-رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة بعنوان -الأثر التطهيري للتحفيظ العقاري
مقدمة:
يقول سبحانه وتعالى في كتابه العزيز:( قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ).
لقد خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان واستخلفه في الأرض ومكنه من عمارتها، وزرع في قلبه حب الاستئثار بالأموال وأباح له الدفاع عنها، ومنع عليه الاعتداء على أموال الغير.
فارتباط الإنسان بالأرض هو ارتباط فطري مرتبط بطبيعة الإنسان الذي يتمسك بالملكية العقارية لأنها تجسد له نوعا من الاستقرار الاجتماعي والاستمرار العائلي والانتماء الترابي. لذلك عمل الفرد باستمرار على تقديس حق الملكية وعدم المساس به مما جعله يتحفظ تجاه كل الإجراءات التي تقيد من حقه في استغلال ملكيته أو تقليص استفادته منها، فلا حياة ولا عيش ولا مسكن بدون عقار، فمن الأرض خلق الإنسان وإليها ملاذه مصداقا لقوله تعالى: "وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون"، فلا يمكن تصور الإنسان بعيدا عن الأرض فمنها يأكل وعليها يشيد مسكنه. ولعل هذا ما جعل جل التشريعات الوضعية تهتم بالعقار، وإحاطته بضمانات لما له من آثار اقتصادية واجتماعية، حيث كان وما يزال موردا للثروة لا ينضب له معين، والعامل الأول في تكوين ثروة الإنسان وعنوانا للمكانة الاجتماعية، فكان من الطبيعي أن توضع أنظمة عقارية عدة لمختلف أنواع العقارات تحميه وتنظم ملكيته وحيازته واستغلاله والتصرف فيه، وما يرد على كل ذلك من قيود أو شروط أو ما ينتج عنه من حقوق والتزامات، وأن تتجسد كل هذه الأنظمة في تشريعات ونصوص قانونية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق