مؤسسة قضاء التحقيق و مستجدات قانون المسطرة الجنائية دراسة عملية_رسالة نهاية التدريب بالمعهد العالي للقضاء
تقديم:
تعتبر مهمة قاضي التحقيق خطيرة لما يمكنه أن يتخذه من أوامر وقرارات من شانها المس بحريات الأفراد والزج بهم في السجن، وهي تعتبر كذلك شاقة لما تتطلبه من إجراءات دقيقة للوصول إلى الحقيقة، وأمام هذين الأمرين بات واجبا على قاضي التحقيق التروي وأخذ الحيطة عند اتخاذه للأوامر القضائية حتى لا يمس بالحريات وحقوق الدفاع ويستعمل الأوامر في غير محلها تطبيقا لمبدأ :(كل متهم يظل بريئا إلى أن تثبت إدانته) هذا المبدأ الذي تحول إلى قاعدة قانونية في ظل قانون المسطرة الجنائية .
وأوامر قاضي التحقيق تعتبر عديدة، فقد جاءت المادة 142 تنص على انه يمكن لقاضي التحقيق في القضايا الجنائية أو الجنحية أن يصدر أمرا بالحضور أو أمرا بالإحضار أو أمرا بالإيداع في السجن أو أمرا بإلقاء القبض ، أضافت نفس المادة لضرورة البحث يمكنه الأمر بإغلاق الحدود وسحب جواز السفر، كما أعطته نفس المادة الحق في تحديد الكفالة المالية أو الشخصية لضمان الحضور ، والأمر بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه، والأمر برد الأشياء ،وكذا الأمر ببيع الأشياء التي يخشى فسادها أو تلفها أو لتعذر الاحتفاظ بها.
كما احدث قانون المسطرة الجنائية الجديد ، تدبيرا جديدا هو الوضع تحت المراقبة القضائية ، وقد قصد المشرع بإحداثه إيجاد بديل للاعتقال الاحتياطي الذي لا يمكن اللجوء إليه إلا استثناء، .
بالإضافة إلى تلك الأوامر التي تتعلق بشخص المتهم توجد أوامر أخرى تتعلق بانتهاء التحقيق : كالأمر بعدم الاختصاص ، والأمر بعدم المتابعة ، والأمر بالإحالة.
وتتمة لبحث موضوع أوامر قاضي التحقيق فلابد من التطرق إلى: بطلان إجراءات التحقيق و استئنافها وكذا إعادة التحقيق بسبب ظهور أدلة جديدة.
الفرع الأول : أوامر قاضي التحقيق المتعلق بالمتهم.
1. الأمر بالحضور.. المواد(144-145 سابقا 137 و138)
تقضي المادة 144 بأن الأمر بالحضور إنذار المتهم بالحضور أمام قاضي التحقيق في التاريخ والساعة المبينين في نص الأمر. وسيقوم بتبليغه عون قضائي أو ضابط أو عون للشرطة القضائية أو أحد أعوان القوة العمومية.
إذن فالأمر بالحضور لم يبق مجرد إخطار كما في النص السابق (م 137) أي استدعاء عادي يصدره قاضي التحقيق بل اصبح إنذارا بالحضور يتم بوسائل التبليغ القانونية.
وأوجبت المادة 145 على قاضي التحقيق استنطاق المتهم فورا، كما كان الأمر في الفصل السابق إلا أن المشرع أعطى إمكانية الاستعانة بمترجم إذا كان المتهم يتكلم لغة أو لهجة لا يفهمها قاضي التحقيق، أو بمن يحسن التخاطب مع المتهم في حالة كونه أصم أو ابكم. كما أضافت المادة حق محامي المتهم في حضور الاستنطاق .
2 - الأمر بالإحضار. (المواد من146 الى 151 . سابقا139-إلى 144.)
عرفت المادة 146 الأمر بالإحضار بكونه الأمر الذي يصدره قاضي التحقيق للقوة العمومية لتقديم المتهم أمامه في الحال. وهو نفس التعريف الذي كان يتضمنه الفصل القديم. ولم تتضمن باقي النصوص أية مستجدات اللهم ما نص عليه بخصوص الحق في حضور محام المتهم والاستعانة بالمترجم أو بمن يحسن التخاطب مع المتهم عند الاقتضاء، كما هو الشان بالنسبة للأمر السابق.
3- الأمر بالإيداع في السجن.(المواد من152الى153.سابقا145و146 ).
ويعتبر أخطر الأوامر على الإطلاق ،إذ أنه كما عرفته المادة 152 الأمر الذي يصدره قاضي التحقيق إلى رئيس المؤسسة كي يتسلم المتهم ويعتقله اعتقالا احتياطيا . وقد نصت المادة 153 على انه لا يمكن إيداع المتهم في السجن إلا بعد استنطاقه وبشرط أن تكون الأفعال المرتكبة تشكل جناية أو جنحة يعاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية.
والملاحظ أن هذه الفصول لم تتضمن أي مستجدات اللهم فيما يخص التسميات ، و إعادة صياغة المواد.
4- الأمر بإلقاء القبض.( المواد154-158.سابقا 147 إلى 151 ).
لا وهو الأمر الصادر للقوة العمومية بالبحث عن المتهم ونقله إلى المؤسسة السجنية المبينة في الأمر حيث يتم تسليمه واعتقاله فيها. فهو لا يختلف عن الأمر بالإيداع في السجن إلا في كون الأمر الأخير يتخذ ضد المتهم الحاضر أمام قاضي التحقيق في حين يصدر الأمر بإلقاء القبض ضد المتهم الفار من وجه العدالة أو مقيم خارج المغرب.
وقد تطرق المشرع للحالة التي يلقى فيها القبض على المتهم الفار أو يقدم نفسه إلى قاضي التحقيق بعد صدور قراره النهائي بانتهاء التحقيق ،إذ نص في الفقرة الرابعة من الفصل : واجب على وكيل الملك أو الوكيل العام للملك للدائرة التي ضبط فيها المتهم أن يسأله عن هويته ، وان يشعره علاوة على ذلك بأنه يمكنه أن يتلقى منه تصريحاته ،وانه حر في الإدلاء بأي تصريح .وينص على هذا الإشعار في المحضر.ويتعين داخل 24 ساعة أن يوجه هذا المحضر إلى النيابة العامة لدى المحكمة المختصة.
وجاءت المادة 157 لتبين كيفية تنفيذ الأمر بإلقاء القبض ومنعت على العون المكلف أن يدخل منزلا لضبط متهم قبل الساعة السادسة صباحا وبعد التاسعة ليلا،في الوقت الذي كانت فيه المادة150 من المسطرة القديمة لا تجيز ذلك قبل الخامسة صباحا.إلا انه إذا كان الفصل السابق قد أوجب توجيه الأمر بإلقاء القبض مع المحضر إما إلى قاضي التحقيق الصادر عنه الأمر وإما إلى كتابة الضبط بالمحكمة ،فان النص الحال قد عوض كتابة الضبط بالنيابة العامة المختصة.
5- : الوضع تحت المراقبة القضائية. المواد: الجديد(160-174).
من مستجدات قانون المسطرة الجنائية الجديد: الوضع تحت المراقبة القضائية.
في إطار المحاكمة العادلة وضمانا لحقوق الدفاع أحدث المشرع في ضوء قانون المسطرة الجنائية الجديد نظام الوضع تحت المراقبة القضائية ، والذي اعتبره البعض مرحلة وسط بين الحراسة النظرية والاعتقال الاحتياطي.
ويتوخى المشرع من إقرار هذا التدبير إيجاد آليات تكفل سير تطبيق الإجراءات القضائية دون اللجوء إلى تدبير الاعتقال الاحتياطي الذي اصبح منتقدا لعدة اعتبارات إنسانية واجتماعية، كما جاء في مذكرة تقديم المشروع .
وللأسباب المذكورة أعلاه فان المشرع ارتأى أن يضع بين يدي قاضي التحقيق آليات كافية لضمان حضور المتهم لإجراءات التحقيق الجنائي ، دون وضعه رهن الاعتقال الاحتياطي. وهذه الآليات هي التي تضمنتها المادة 161 من القانون والتي هي في الحقيقة مجموعة من القيود على حرية المتهم يصبح معها غير قادر على القيام بواجباته والتزاماته ، بل انه أحيانا يمنع من مزاولة نشاطه المهني ما عدا المهام الانتخابية و النقابية.
وقد نصت المادة 159على أن الوضع تحت المراقبة القضائية كالاعتقال الاحتياطي يعمل به في الجنايات والجنح المعاقب عليها بعقوبات سالبة للحرية.
كما نصت المادة 160 على انه يقرر لمدة شهرين قابلة للتجديد خمس مرات، ويبلغ في الحال شفهيا للمتهم ويبلغ إلى النيابة العامة داخل اجل 24 ساعة وهو أمر قابل للاستئناف من قبل النيابة العامة و المتهم خلال اليوم الموالي لصدوره طبقا للشكليات المتعلقة باستئناف أوامر قاضي التحقيق بشان الإفراج المؤقت. وتبت فيه الغرفة داخل اجل 5 أيام من تاريخ الإحالة.
ويمكن تغييره أو إضافة تدبير آخر تلقائيا أو بناء على طلب النيابة العامة أو المتهم أو محاميه بعد أخذ رأي النيابة العامة كما يمكن إلغاؤه.
ولقاضي التحقيق إمكانية إلغاء الأمر بنفسه إذا لم يحترم المتهم الالتزامات المفروضة عليه ، ويتعين آنذاك تطبيق مسطرة الاعتقال الاحتياطي .كما انه لا يمكن أن يحول دون إصدار أمر بالاعتقال المؤقت في أية مرحلة من مراحل المسطررة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق