إطلالة موجزة حول تمييز الشركة التجارية عن بعض الأنظمة المشابهة لها_طالب عثمان لعزيري _
للقراءة والتحميل
إطلالة موجزة حول تمييز الشركة التجارية عن بعض الأنظمة المشابهة لها.
من إعداد : عثمان لعزيري
طالب في القانون الخاص
بسم الله الرحمن الرحيم
قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ
سورة التوبة الأية 51
كلمة شكر وتقدير
من لايشكر الناس لايشكر الله
أتقدم بجزيل الشكر و التقدير لأستاذي
الفاضل محمد محروك خير ناصح وخير
معلم أطال الله عمره
توطئة
لطالمة كانت الحياة التجارية، تعرف تطورا سريعا، كلما سمحت الفرصفة بذلك، حيث اصبح النشاط التجاري في عصرنا الحالي يعرف اتخاد شكل جديد يتمشى مع التطور الصناعي، حيث انتقل من المفهوم التقليدي الذي كان يمثله التاجر بالأساس، الى المفهوم العصري الشركة، والتي عرفها المشرع بأنها عقد بمقتضاه يضع شخصان أو أكثر أموالهم أو عملهم أوهما معا، لتكون مشتركة بينهم، بقصد تقسيم الربح الذي قد ينشأ عنها .
من خلال التعريف أعلاه يتتضح لنا الاهمية القصوى للشركة فهي بالأساس نشاط اقتصادي هادف الى الربح
واقتسامه بين الشركاء، وتهدف الى خلق التوازن الاجتماعي بمنح فرص للشغل، من خلال هذا المنطلق تجذر الاشارة بأن الشركة لها تميز كبيرعن بعض الأنشطة المشابهة لها مما يطرح الاشكالية التالية :
مامدى التميز مفهوم الشركة عن بعض الأنظمة المشابهة لها ؟
من خلال الاشكالية اعلاه سوف نجيب عنها خلال هذا المقال بالاشارة الى مجموعة من النقط بشكل التالي:
-أولا : تميز الشركة التجارية عن الجمعية
-ثانيا : تميز الشركة التجارية عن الشياع
-ثالثا : تميز الشركة التجارية عن عقد المقاولة
-رابعا : تميز الشركة التجارية عن عقد القرض وعقد العمل
-خامسا : تميز الشركة التجارية عن الشركة المدنية
أولا : تميز الشركة التجارية عن الجمعية
إن أساس وجود عدد من المؤسسات داخل الدولة، راجع إلى مجموعة من المتطلبات الضرورية للفرد داخل المجتع، فالكل مؤسسة دورها والهدف الذي أحدثة من أجله ولكل منها قانون ينظمها، فالجمعية باعتبارها إتفاق لتحقيق تعاون مستمر بين شخصين أو عدة أشخاص لستخدام معلوماتهم أو نشاطهم لغاية غير توزيع الربح فيما بينهم، اي تقوم على إعتبار إنساني بامتياز، فالشركة التجارية هي عقد بمقتضاه يضع شخصان أو أكثر أموالهم أو أعمالهم أو هما معا، لتكوين شركة بينهم وتوزيع لأرباح الناتجة عنها فيما بينهم، حيث تقوم هذه لأخيرة على إعتبار إقتصادي، لكن في المقابل قد يثار الخلط بين مفهوم الجمعية – association- ومفهوم الشركة التجارية – societe commerciale – مما يفرض علينا المنطق السليم الى تبيان التميز الجوهري بين كلا المفهومين وذلك من خلال مجموعة من النقط.
إن أول ماينبغي التطرق له لمعرفة مامدى التميز بين الجمعية والشركة التجارية، هو القواعد المنظمة لكل مفهوم، حيث نظم المشرع المغربي الجمعية في قواعد القانون العام من خلال ظهير 15 نوفمبر 1958 بتأسيس الجمعيات وأفرد لها 40 فصل منظم لها، حيث عرفها كما سبقة الإشارة اعلاه بأنها إتفاق لتحقيق تعاون مستمربين شخصين أو أكثر لستخدام معلوماتهم أو نشاطهم لغاية غير توزيع الربح1 ، مما يتضح من خلال هذا التعريف الذي تبناه المشرع بأن الجمعية تقوم على أساس إنساني إجتماعي يهدف إلى تقديم يد المساعدة للأخرين، لا الى غاية تحقيق الربح أو توزيعه، عكس الشركة التجارية فقد أخظعها المشرع المغربي في تنظيمها الى قواعد القانون الخاص وذلك حسب كل شركة2
وقد عرفها المشرع بوجه عام في الفصل 982 من ظهير الإلتزامات والعقود" الشركة عقد بمقتضاه يضع شخصان أو أكثر أموالهم أو أعمالهم أو هما معا، لتكون مشتركة بينهم، بقصد تقسيم الربح الذي قد ينشأ عنها"3
من خلال التعريف أعلاه نستشف ان الشركة التجارية حينما عرفها المشرع إعتبرها عقد عكس الجمعية فهي مجرد إتفاق فقط والسبب في تنصيص المشرع بأن الشركة عقد ذلك على الإعتبار المالي بقصد تقسيم الربح فيما بين الشركاء، فيبقى هدفها إقتصادي بامتياز، هذا من وجهة لإختلاف من حيث التعريف فقط، في حين لابد وأن هناك عناصر إلتقاء بين المفهومين، فبالرجوع الى القاعدة العامة التي تنص على أن العقد شريعة المتعاقداين، حيث يلزمه أركان أساسية لصحته، وهي الأركان الموضوعية العامة المنصوص عليها في الفصل 2 من ظهير الإلتزامات والعقود4 :
1 الأهلية الإلتزام
2 تعبير صحيح عن الإرادة يقع على العناصر الأساسية للإلتزام
3 شيء محقق يصلح لأن يكون محلا للإلتزام
4 سبب مشروع للإلتزام
أ-الأهلية5
تعتبر الأهلية ركنا أساسيا من أركان العقد بصفة عامة، فلايمكن تصور جمعية تم تأسيسها من طرف قاصرين لم يصلوا بعد لسن الرشد القانوني 18 سنة، لأن الهدف من تأسيس الجمعية هو تحيق التعاون وتوظيف الخبرات مما يترتب معه مجموعة من الإلتزامات القانونية التي ترتب المسؤولية الجنائية، لكن حينما أحال المشرع في الفقرة الثانية من الفصل 1 من ظهير 1958 المنظم للجمعيات، على القواعد المنصوص عليها في ظهير الإلتزامات والعقود، لم ينص على سن محدد يسمح للشخص بالنخراط في الجمعية، نظرا لعدد من الجمعيات تجد أكبر المنخرطين بها دون سن الرشد القانوني، وفي رأينا المتواضع كان حريا بالمشرع التنصيص على سن معين يسمح للراغبين بالنخراط في الجمعية بقبول انخراطهم، فقد نجد جمعايات لها توجه سياسي متطرف و تستقطب عدد من المنخرطين من بينهم قاصرين، لهذا يجب على المشرع تحديد السن للإنخراط، وتعتبر كذلك الأهلية ركنا أساسيا في الشركات التجارية وتتنوع درجة أهميتها بختلاف كل شركة على حدى، فالبنسبة لشركة التضامن
وشركة التوصية البسيطة يجب أن تتوفر في شركائها الأهلية التجارية للأنهم يكونون مسؤولين مسؤولية تضامنية عن ديون الشركة ويكتسبون بالمقابل الصفة التجارية، أما بالنسبة لباقي الشركات فيكفي أن تتوافر فيهم أهلية القيام بالتصرفات القانونية، لأن مسؤوليتهم محدودة في حدود الحصة التي قدموها في رأسمال الشركة.
__________
1-الفصل الأول من ظهير 1958 المنظم للجمعيات
2 قانون 17.95 المنظم لشركة المساهمة و القانون 5.96 المنظم لباقي الشركات التجارية
3 الفصل 928 ظ ل ع
4 الفصل 2 ظ ل ع
ب-الرضا
وحيث أن الرضا يعتبر من الأركان الجوهرية لقيام عقد الشركة فلا يمكن اجبار أي شريك في الشركة التجارية بالقوة أو إستعمال التدليس6 حيث يصبح العقد في هذه الحالة قابلا للإبطال وذلك بستعمال وسائل إحتيالية ينتفي معها عنصر الرضا، كذلك الشأن بالنسبة للجمعية لايمكن إكراه أي شخص بالقوة للإنخراط فيها وهذا ماتم التنصيص عليه في الفصل 2 من ظهير 1958 "يجوز تأسيس جمعيات الأشخاص بكل حرية و دون سابق إذن بشرط أن تراعى في ذلك مقتضيات الفصل 5".
ت-المحل
وتأسيسا للأركان السابقة، فإن المحل لا يقل أهمية عن سابقيه فالمشرع المغربي نص في الفصل 57 من ظهير الإلتزامات والعقود "الأشياء والأفعال والحقوق المعنوية التي تدخل في دائرة التعامل تصلح وحدها أن تكون محلا للإلتزام، ويدخل في دائرة التعامل جميع الأشياء التي لا يحرم القانون صراحة التعامل بشأنها"7
ويقصد بالمحل في الشركة التجارية هو غرضها الإجتماعي المنظم في نظامها الأساسي والغرض منها في نوع الخدمة التي تقدمها، ونفس المعيار المتخد بالنسبة للجمعية لأن كل هدف غير مشروع يعرض الجمعية لبطلانها.
وعموما فالمحل طبقا للقواعد العامة هو الشيء الذي يكون مشروعا وممكنا يصلح لدائرة التعامل به وغير منافي للقوانين والأداب العامة .
ج- السبب
ينص الفصل 62 من ظهير الإلتزامات والعقود " الإلتزام الذي لاسبب له أو مبني على سبب غير مشروع يعد كأن لم يكن.
يكون السبب غير مشروع اذا كان مخالفا للأخلاق الحميدة أو للنظام العام أو القانون"
من خلال الفصل أعلاه يستنتج بأن السبب بالنسبة لعقد الشركة يحدد أساسا في مدى التزام الشركاء بالغاية الملحة في التشارك واقتسام الربح فيما بينهم وفي مدى مشروعية الخدمة التي يقدمونها، وحتى لاينبغي الخلط بين الغرض الذي أسسة عليه الشركة والسبب لأن هذا الأخير يجب أن يكون حقيقيا حتى ولم يتم ذكره من طرف الشركاء8 وفي المقابل لايمكن قيام جمعية على أسباب غيرمشروعة تتنافى مع القوانين والأداب العامة تكون من أساسها باطلة9 .
___________
5 تجدر الإشارة ان الأهلية نوعان أهلية أداء و أهلية وجوب :
أهلية وجوب : هي صلاحية الشخص لاكتساب الحقوق وتحمل الواجبات التي يحددها القانون، وهي ملازمة له طوال حياته ولا يمكن حرمانه منها .
أهلية أداء : هي صلاحية الممارسة حقوقه الشخصية و المالية و نفاذ تصرفاته ، ويحدد القانون شروط اكتسابها وأسباب نقصانها أو انعدامها .
6 الفصل 52 ظ ل ع " التدليس يخول الإبطال، إذا كان ما لجأ إليه من الحيل أو الكتمان أحد المتعاقدين أو نائبه أو شخص أخر يعمل بالتواطؤ معه قد بلغت في طبيعتعا حدا بحيث لولاها لما تعاقد الطجرف الأخر و يكون للتدليس الذي يباشره الغير نفس الحكم إذا كان الطرف الذي يستفيد منه عالما به."
7 الفصل 57 ظ ل ع
ويرجع الأساس في ذلك إلى القاعدة الفقهية ( كل مابني على باطل فهو باطل )، وبناء على ماسبق الإشارة له فإن عناصر الإلتقاء أو بمعنى أخر اوجه التشابه بين مفهوم الشركة والجمعية يكمل بشكل أساسي في القواعد الموضوعية العامة التي نص عليها المشرع في الفصل الثاني من ظهير الإلتزامات
والعقود، حيث تترتب نفس الأثار عند مخالفتها لا بالنسبة للجمعية أو الشركة التجارية مما يحدد لنا الإختصاص القضائي، وقبل أن ندلف إلى الإختصاص القضائي يتحتم علينا الإشارة الى الإختلاف بين الشركة والجمعية – أوجه الإختلاف – باعتباره النقطة الجوهرية واللبنة اللأساس لتبيان لإختصاص القضائي، لطالما كان الإختلاف هو أساس التميز لكل الأشياء، بصفة عامة ونظرا لأهميته القصوى، في تحديد الركائز الأساسية لكل مفهوم على حدى لهذا سنتفرع في هذه النقطة الى مفصلين جوهريين (1) الإختلاف من حيث القواعد الموضوعية الخاصة، في حين نخصص الإختلاف الثاني من حيث الإختصاص القضائي (2).
1-القواعد الموضوعية الخاصة
تعد الشركة من العقود المستمرة التي تنشأ بين شخصين أو أكثر من أجل تحقيق غرضها الذي أنشأت من أجله، وتبعا لذلك فقط أحاط المشرع في تكوينها بمجموعة من الأركان الموضوعية الخاصة التي يترتب عن تخلفها بطلان الشركة وأخرى شكلية هدف المشرع من خلالها الى إعلام الغير بالوجود القانوني للشركة 10 .
انطلاقا من مقتضيات الفصل 982 من ظ ل ع فإن الأركان الموضوعية الخاصة تتجلى في :
- تعدد الشركاء
- تقديم حصة
- توزيع الأرباح
- نية المشاركة
فإن أغلب الشركات التجارية نجد بها خاصية التعدد باستثناء شركة المسؤولية المحدودة التي يمكن تأسيسها من طرف شخص واحد11 او أكثرحيث لايجب أن يقل عدد الشركاء في الشركات التجارية عن 50 شريك، وأخرى يزداد فيها العدد أكثر من سابقه أكثر من 55 شريك، كما أن تقديم الحصة في الشركة التجارية يكتسي طابعا مهما، حيث يلتزم كل شريك بتقديمها.
_____________
8 - الفصل 63 من ظ ل ع" يفرض في كل إلتزام أن له سببا حقيقيا ومشروعا ولو لم يذكر"
9 - الفصل 3 من ظهير 1958 المنظم للجمعيات
10-عبدالرحيم بن بوعيدة. الشركات التجارية في القنون المغربي – دراسة مقارنة – الجزء الأول ، الصفحة 28
11- الفقرة الأولى من المادة 44 من قانون 5.96 " تتكون المسؤولية المحدودة من شخص أو أكثر لايتحملون الخسائر سوى في حدود حصصهم".
فقد تكون الحصة المقدمة عبارة عن حصة صناعية أو مالا أو هما معا، فلايمكن قيام أي شركة بدون تقديم حصة بين شركائها لهذا أفرد المشرع لكل نوع من الشركة شكل الحصة المقدمة وكذلك نسبتها، طبقا لمانصت عليه المادة 6 من قانون 1217.95 والمادة 46 من قانون 5.96 13 .
كما لايخفى على أحد مدى أهمية نية المشاركة وتوزيع الأرباح حيث أن الأساس منهما راجع إلى تحقيق الأرباح وزيادة معدل اقتصاد الشركة ليبقى الهدف هو زيادة رأسمال الشركة وتضخمه، وفي المقابل لانجد الجمعية تتمتع بهذه الخصائص وذلك لنتفاء ثلة من الشروط أولا أن الجمعية هدفها ليس قتصادي أو ربحي بالأساس وهذا مانصت عليه الفقرة الأولى من الفصل 1 من ظهير 1958 "بأن الجمعية هي إتفاق لتحقيق تعاون مستمر بين شخصين أو عدة أشخاص لاستخدام معلوماتهم أو نشاطهم لغاية غير توزيع الربح"
حيث يستخلص من الفصل أعلاه أن المشرع جعل من الجمعية مجرد إتفاق بين شخصين أو اكثر من أجل التعاون مما يتضح شرط الشراكة الذي يعد أساسيا في الشركة التجارية، كما أن هذا لإتفاق الحاصل بين الأشخاص فهو من أجل استخدام معلوماتهم أو نشاطهم لغاية غير توزيع الأرباح، وهذا ماجعل المشرع ينفي خاصية تقديم حصة وتوزيع الربح الناتج عنها، لأنه من الواضح أن الجمعية لاتقوم على شرط قانوني يلزمها بإنشاء رأسمال محدد كما هو الحال بالنسبة للشركات التجارية، فقط اكتفى المشرع بإلزامية القواعدة العامة حتى يمكن إعتبار الجمعية قائمة بوجه صحيح وفي المقابل فإن مجرد تخلف شرط من شروط التأسيس الخاصة بالشركة يؤدي مباشرة إلى بطلانها تماشيا مع الطابع المعنوي للشركة، من أجل تحقيق استمراريتها، وللإشارة فالتميز الجوهري للشركة التجارية عن الجمعية هو معيار السجل التجاري فالشركة التجارية لاتعترف لها بالشخصية الإعتبارية الا من تاريخ تقيدها بسجل التجاري14، ولذي يعلن عن ولادة شخص معنوي جديد فبالنظر إلى الجمعية بمجرد تقديم نظامها الأساسي بشكل صحيح تكتسب صفة اعتبارية ـ صفة المنفعة العامة ـ.
ومعلوم أن لكل مؤسسة قواعد قانونية تؤطرها سواء خاصة أو عامة، لكن الأساس في ذلك هو في حالة مخالفة هذه القواعد يبقى السؤال المطروح ماهي المحاكم المختصة للفصل في النازع ؟
___________
12- المادة 6 من قانون 17.96 "لا يجوزأن يقل رأسمال شركة المساهمةعن ثلاثة ملايين درهم إذا كانت تدعوا الجمهور إلى الاكتتاب وعن ثلاثمائةألف درهم إكانت لاتدعو إالى ذلك".
13- المادة 46 من فانون 5.96 " يحدد رأسمال الشركة ذات المسؤولية المحدودة بحرية من طرف الشركاء في النظام الأساسي ويقسم الرأسمال إلى أنصبة قيمتها الإسمية متساوية" .
14- المادة 7من قانون 17.95 " تتمتع شركات المساهمة بالشخصة المعنوية ابتذاء من تاريخ تقيدها في السجل التجاري...." ، و المادة 2 من قانون 5.96 " تعتبر الشركات موضوع الباب الثاني و الثالث و الرابع من هذا القانون شركات تجارية شكلها وكيفما كان غرضها ولا تكتسب الشخصية المعنوية إلامن تاريخ تفيدها في السجل التجاري......".
2-الإختصاص القضائي
ينص الفصل 6 من ظهير 1958 "كل جمعية صرح بتأسيسها بصفة قانونية يحق لها أن تترافع أمام المحاكم...."
حيث أنه بمجرد التصريح بصفتها القانونية يحق لها الترافع أمام المحاكم15، ويرجع لإختصاص للمحاكم الإبتدائية باعتبارها صاحبة الولاية العامة، اذ تختص هذه لأخيرة في كل طلب رامي إلى حل الجمعية إذا كانت في وضعية مخالفة للقانون سواء بطلب ممن يعنيه الأمر أو من طرف النيابة العامة16،أما بالنسبة للختصاص القضائي للشركات التجارية، يختلف كلما إختلف لإجراء، وتختص المحاكم الإبتدائية فقط في الجنح، عندما يقوم أحد الشركاء بتقديم النفود السياسي كحصة في الشركة، حيث نصبح أمام جريمة استغلال النفود السياسي17، كما تختص في حوادث السير مثلا: شاحنة تابعة لشركة البناء اصتدمة بسيارة بشارع العام مما نتج عنه عدة خسائر ففي هذه الحالة يعود لختصاص للمحاكم الابتدائية.
وفي جانب أخر نجد الإختصاص يعود كذلك بالنسبة للشركات التجارية إلى المحاكم التجارية18، نظرا لطابع الشكلية الذي يطبع المجال التجاري19 وصرامة قواعده، وبالرجوع إلى مقتضيات المادة 11 من قانون المحاكم التجارية ينص على"استثناء من أحكام الفصل 28 من قانون المسطرة المدنية، ترفع الدعاوى:
- فيما يتعلق بالشركات، إلى المحكمة التجارية التابع لها مقر الشركة أو فرعها
- فيما يتعلق بصعوبات المقاولة، إلى المحكمة التجارية التابع لها مؤسسة التاجر الرئيسية أو المقر الاجتماعي للشركة
- فيما يخص الإجراءات التحفظية، إلى المحكمة التجارية التي يوجد بدائرتها موضوع هذه الإجراءا.
ونستخلص أن المشرع المغربي جعل جل الدعاوي الخاصة بالشركات التجارية خاضعة للمحاكم التجارية وذلك من أجل ضمان السير السريع للتجارة .
__________________
15- الفصل 6 من ظهير 1958
16- الفصل 7 من ظهير 1958 "تختص المحاكم الإبتدائية بالنظر في طلب التصريح ببطلان الجمعية المنصوص عليه في الفصل الثالث أعلاه.
كما تختص في طلب حل الجمعية إذا كانت في وضعية مخالفة للقانون وذلك سواء بطلب ممن يعنيه الأمر أو بمبادرة من النيابة العامة .
و للمحطمة بالرغم من كل وسائل الطعن بأن تأمر ضمن الإجراءات التحفظية بإغلاق الأماكن و منع كل إجتماع لأعضاء الجمعية".
17- الفصل 250 من القانون الجنائي "يعد مرتكبا لجريمة استغلال النفوذ، ويعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة من خمسة آلاف إلى مائة ألف درهم، من طلب أو قبل عرضا أو وعدا، أو طلب أو تسلم هبة أو هدية أو أية فائدة أخرى، من أجل تمكين شخص أو محاولة تمكينه، من الحصول على وسام أو نيشان أو رتبة شرفية أو مكافأة أو مركز أو وظيفة أو خدمة أو أية مزية أخرى تمنحها السلطة العمومية أو صفقة أو مشروع أو أي ربح ناتج عن اتفاق يعقد مع السلطة العمومية أو مع إدارة موضوعة تحت إشرافها، وبصفة عامة الحصول على قرار لصالحه من تلك السلطة أو الإدارة، مستغلا بذلك نفوذه الحقيقي أو المفترض"
18- ظهير شريف رقم 1.97.65 صادر في 4 شوال 1417 (12 فبراير 1997) بتنفيد القانون رققم 53.95 القاضي بإحداث محاكم تجارية.
19- فؤاد معلال, شرح القانون التجاري الجديد , الجزء الأول : نظرية التاجر و النشاط التجاري , صفحة 25
وقبل توجهنا إلى التميز الثاني لابد وأن نذكر بأن الفرق الجوهري بين الشركة التجارية والجمعية يكمل في معيار "الربح" نظرا لطابع الاقتصادي فلولا هذا الأخير لماختلط علينا المفهومين، كما أن أهمية هذا التميز في مدى صرامة القواعد المطبقة على الشركات التجارية وكذلك على مستوى الحلول القانونية التي أعطاها المشرع المغربي لستمرار نشاط الشركة، عكس القانون المنظم للجمعيات ظهير 1958 الذي تطبعة قواعد القانون العام، حيث تمتاز هذه لأخيرة بالصرامتها إذا تم لإخلال ولوبشرط صغير، وفي المقابل لم يقرر المشرع أي حلول قانونية تسمح من استمرارية الجمعية، كما هو الشأن بالنسبة للشركات التجارية، وفي رأينا المتواضع يجب على مشرع النظر إلى هذه النقطة بتقرير حلول قانونية حتى تستمر الجمعية، نظرا للدور الفعال الذي أصبحت تلعبه الجمعية داخل المجتمع المدني بدفاعها عن حقوق وحيريات لأخرين.
ثانيا :تميز الشركة التجارية عن الشياع
إن تعدد المفاهيم يثر الخلط فيما بينها، كما هو الحال بالنسبة لمفهوم الشركة والشياع لهذا لابد والتميز بين المفهومين، لأن الشركة شيء والشياع شيء أخر فبالنسبة لمفهوم الشياع:
في لغة : شاع يشايع شيوع أي الإنتشار والذيوع .
أما إصطلاحا: فهو الشياع المفيد بالعلم والذي يفيد الاطمئنان والإشتهار بين الناس فيكون حجة ويمكن التعويل عليه.
ولأصل في الملكية أن تثبت للشخص واحد على الشيء فيقال لها ملكية مفرزة، ولكنها قد تثبت لأكثر من شخص على نفس الشيء فيقال لها ملكية شائعة، وقد نظم المشرع هذا النوع من الملكية في الفصل الثاني من مدونة الحقوق العينية تحت عنوان الملكية العامة، وسماها الشيوع والملكية المشاعة، حيث أخضعها لأحكام هذا القانون رقم 39.08 ـ مدونة الحقوق العينية ـ مع مراعاة الأحكام الواردة في قانون الالتزامات والعقود والنصوص الخاصة.
ولتفادي تكرار ماذكرناه بخصوص مفهوم الشركة التجارية سنقتصر بذكر أهم الفوارق الجوهرية التي تميز كل مفهوم على حدى، فقد عرف المشرع المغربي الشياع أوشبه الشركة في الفصل 959 من ظهير الالتزامات والعقود، حيث تنشأ أسباب قانونية للملكية الشائعة وقد نص المشرع المغربي في الصل 960 من ظهيرالالتزامات والعقود "إذاكان الشيء أو الحق لأشخاص متعددين بالاشتراك فيما بينهم وعلى سبيل الشياع فإنه تنشأ حالة قانونية تسمى الشياع أو شبه الشركة، وهي إما إختيارية
أو اضطرارية"
يستفاذ من النص أعلاه أن الملكية الشائعة قد يكون مصدرها إختياريا أي بإرادة الإنسان حيث يكون ذلك إما عن طريق العقد كأن يشتري شخصان أو أكثر مالا على الشيوع، أو عن إرادة منفردة كالهبة
والوصية بمال لشخصين أو أكثر على الشيوع، أو بالتقادم كأن يحوز شخصان أو أكثر شيئا بنية التملك المدة اللازمة لكسبة الملكية بالتقادم ( في العقار غير محفظ )، أو تكون سببها اضطراريا كما هو الحال في الإرث يكون المال الموروث مملوكا على الشيوع للورثة بعد إخراج الحقوق المتعلقة بالتركة، فالشركة التجارية من أسباب نشوئها هو العقد ونية المشاركة بوضع اموالهم لتكون مشتركة بينهم، بقصد تقسيم الربح الذي ينشأعنها20 حيث لا تنشأ بتاتا بالإرث، لأن هذه الأخيرة يقصد بالمشاركة فيها هو العزم على مبشرة فعل إقتصادي بنية الربح وتحمل نتائج هذا لإختيار بكامل الحرية، إذ أنه بالنسبة للشاع في حالة الشك تكون أنصباء المالكين متساوين21، وهذا قد ينتج أثر سلبي على المالكين للشياع، أما بخصوص الشركة فعند تأسيس الشركة يقسم رأسمالها إلى أسهم قابلة للتداول ويحرر كل سهم نقدي بربع قيمته الإسمية على الأقل22، ويكمل الفرق كذلك بالنسبة للشياع هو حق الشريك في إستعمال الشيء المشاع وهذا مانص عليه المشرع في الفصل 973 من ظ ل ع " لكل مالك على الشياع حصة شائعة في ملكية الشيء المشاع وفي غلته، وله الحق أن يبيع بأي وجه آخر سواء أكان تصرفه هذا بمقابل أم تبرعا وذلك كله مالم يكن الحق متعلقا بشخصه فقط"
مما يستفاد من الفصل أعلاه أن للمالك في الشياع حق في استعمال الشيء وإدارة المال الشائع، كما له الحق في حفظ هذا المال الشائع، ويلتزم بنفقات إدارة المال الشائع وحفظه كما يتصرف في حصته الشائعة، هذا مايبرز اختلافا مع الشركة التجارية فمثلا بالنسبة للشركة المساهمة حينما يتم توقيع نظامها الأساسي فلا يحق لأي شريك أن يدير العمل بنفسه أو الإحتفاظ برأسمال الشركة أو يتصرف في حصته كيف يشأ لأن هذه لأخير تعتبر شركة ذات مجلس الإدراة والذي يكون من ثلاثة أعضاء على الأقل ومن إثني عشر عضوا على الأكثر23، ولا يحق لأي شخص إدراة المال لأن الاختصاص يعود للمتصرفين
والذين يعينو من طرف الجمعية العامة العادية، هذا وقد أشرنا الى النزر القليل من التميزات، أما على مستوى الأثار المترتبة، كما هو معلوم أن القواعد الموضوعية العامة اساس العقود بصفة عامة بمجرد الإخلال بها يترتب الطبلان مباشرة، كما لا يخفى على أحد لايجبر أحد على البقاء في الشياع إذ يمكن لكل شريك أن يطلب القسمة24، وينتج عقب ذلك إنهاء الملكية الشائعة وكل شرط يخالف ذلك يكون عديم الأثر، لكن في المقابل يمكن للشركاء أن يتفقوا كتابة على البقاء في الشياع لمدة معينة مما يبقى السؤال هل هذه المدة ملزمة لكافة الشركاء حتى لو تضرر أحدهم أم أن هناك إستثناء ؟
فبالرجوع إلى الفقرة الثالثة من المادة 27 من مدونة الحقوق العينية نصت " للمحكمة أن تحكم
ـ بناء على طلب أحد الشركاءـ بفسخ الاتفاق وإجراء قسمة حتى قبل انصرام المدة المتفق عليها إن كان لذلك مبرر مشروع"، مما يستفاد من هده الفقرة أنه حتى ولم يحلل أجل إنتهاء الشياع فيحق لأحد الشركاء أن يلتجئ إلى المحكمة ليطلب فسخ ذلك العقد وهذا إذا كان يستند على مبرر مشروع فقد يتم إلحاق ضرر بأحدهم كما لو إكتشف تدليسا من طرف شركائه مما ألحق به ضرر في حصته الشائعة
____________
20- الفصل 982 من ظ ل ع " الشركة عقد بمقتضاه يضع شخصان أو أكثر أموالهم أو أعمالهم أو هما معا، لتكون مشتركة بينهم، بقصد تقسيم الربح الذي قد ينشأ عنها".
21- الفصل 961 من ظ ل ع " عند الشك، يفترض أن أنصباء المالكين على الشياع متساوية".
22- البند الثاني من الفصل 17 من قانون رقم 17.95 المنظم شركة المساهمة.
23 – الفقرى لأولى من الفصل 39 من قانون 17.95
اما بالنسبة للشركة التجارية فبالنسة للأثار المترتبة عنها نجد أنها تنقضي بقوة القانون في أغلب لأحيان وذلك بانقضاء المدة المحددة لها أوحصول مايقتضي فسخها كهلاك المال المشترك هلاكا كليا أو جزئيا يبلغ من الجسامة حدا بحيث يحول دون الاستغلال المفيد أو بموت أحد الشركاء أو بإعلان فقده قضاء
أو بالحجر عليه أو بإشهار إفلاس أحد الشركاء أو التصفيه قضائيا24، وهذا ويبقى الاختصاص القضائي واضحا لكلا المفهوهين ولتفادي ماتم ذكره سابقا بالنسبة للإختصاص القضائي للشركات التجارية، وفي لأخير يبقى تميز الشركة عن الشياع بنية المشاركة حتى لو كان هذا الشياع اختياريا لأن طبيعة تحديد سلوك المالكين على الشياع يتحدد أساسا من طبيعة المال المملوك لهم على سبيل الشياع، حيث لايرغبون في التعاون الجماعي فيما بينهم قصد الحصول على الربح لأن هذه حالة قانونية يوجدون بها حيث تكون في معظم الأحوال حالة اضرارية، وتبقى الشركة التجارية قائمة على العزم في مباشرة فعل إقتصادي هادف الى الربح وتقسيمه فيما بينهم.
ثالثا: تميز الشركة التجارية عن عقد المقاولة
قد يقع الخلط بين مفهوم الشركة ـ Socétéـ ومفهوم عقد المقاولة ـ contrat de sous-traitanceـ لكل مفهوم على حدة خصائص مميزة له لهذا سنشير إلى أهم هذه الميزات بدون التوسع في مميزات الشركة لتفادي تكرار ماسبق ذكره في النقط السابقة.
انطلاقا من من الفصل 723 من ظهير الالتزامات والعقود " اجارة الخدمة أو العمل عقد يلتزم بمقتضاه احد طرفيه بأن يقدم للأخر خدماته الشخصية للأجل محدد أو أجل أداء عمل معين , في نظير أجل يلتزم هذا الأخير بدفعه له"
حيث نستنتج من الفصل أعلاه مجموعة من الخصائص المميزة لعقد المقاولة حيث أن هذا لأخير عقد رضائي يتم تبادل الإيجاب والقبول ولا يستلزم شكلا معين لنعقاده وهذا مالانجده في الشركات التجارية حيث ألزم المشرع الشركاء بتحرير عقد رسمي من أجل إنشاء الشركة كما أفرد لها ثلة من الشروط التي يجب أن تتضمن في هذا لأخير و ذلك حسب كل نوع من الشركات التجارية، كما أن عقد المقاولة
هو عقد ملزم للجانبين فالمقاول ملزم بتنفيد العمل المطلوب منه، ورب العمل ملزم بدفع الأجر المستحق عن هذا العمل، في حين الشركة التجارية بمجرد إنشائها تكون ملزمة لكافة الشركاء تحت طائلة بطلانها
لأن الهدف التي تقوم عليه هو هدف توضيف رأس مال معين من أجل إقتسام الأرباح الناتجة عنة، أما عقد المقاولة من العقود التي ترد على عمل، حيث ينجزه المقاول بشكل مستقل عن رب العمل وتكمل مشرعية عقد المقاولة في كونه من عقود الاستصناع :
_______________
24- الفصل 1051 من ظ ل ع
باستصناعه صلى الله عليه وسلم الخاتم والمنبر، فعن أنس بن مالك .
أن نبي صلی الله عليه وسلم كان أراد أن يكتب إلى العجم، فقيل له : إن العجم ل يقبلون إل كتابا عليه خأاتم،
فاستصنع خأاتما من فضة ، وعن أبي حازم أن رسول الله صلی الله عليه وسلم أرسل إلى امرأة :"أنظري غلمك
النجار يعمل لي أعوادا أكلم الناس عليها"، وأجاز المشرع مشروعية هذا العقد بصريح الفصل 724 من ظ ل ع " يعثبر القانون بمثابة إجارة الصنعة، العقد الذي يلتزم بمقتضاه الأشخاص الذين يباشرون المهن والفنون الحرة بتقديم لزبنائهم..."، وتترتب عن عقد المقاولة مجموعة من الأثار، حيث يتحمل المقاول بتسليم العمل الذي كلف به في الوقت المحدد له سواء أكان متفق عليه بين الطرفين أو بعقد مكتوب كما يلتزم بسليم هذا العمل وبضمانه من أي عيب أو نقص يلحقه25،كما يلتزم في المقابل رب العمل بدفع الأجرة للمقاول وقد نص المشرع في الفصل 734 من ظ ل ع "على رب العمل او السيد أن يدفع الأجر وفق ماهو مذكور في العقد أو مقرر بمقتضى العرف محلي فإذا لم يحدد الاتفاق ولا العلرف طريقة الدفع الأجرة، فإنه لايكون واجب الدفع إلابعد أداء مايقضي به العقد من الخدمات أو الصنع.."
ويلتزم رب العمل بتمكين المقاول بالقيام بالعمل، كتسليمه التصميم واستخراج الرخصة إذا تعلق الأمر بالبناء، كما يبقى على عاتق المقاول بتسليم العلمل الذي إلتزم به ويلتزم رب العمل بتسليم الشيء بعد معاينته وفحصه وقبوله إذا كان سليما حيث تقع المصاريف على عاتق هذا الأخير وينتهي عقد المقاولة بانتهاء الأجل المقرر أو بأداء الخدمة أوصنعة الذي كان محلا للعقد، كما ينتهي بالفسخ المحكوم به من القاضي أو باستحالة التنفيذ الناشئة إما بسبب حادث فجائي أو قوة قاهرة وإما بسبب وفاة مؤجر الصنعة أو الخدمة26، وللإشارة لايفسخ هذا العقد ـ عقد المقاولة ـ بموت السيد أو رب العمل حيث يستمر مع ورثته.
وبهذا يبقى عقد المقاولة مفهوما مستقل عن مفهوم الشركة التجارية لا من حيث النصوص المنظمة له
أو الاعتبارات القائم عليها، أو حتى الأثار المترتبة.
__________
25- الفصل 767من ظ ل ع " يلتزم أجير الصنع بضمان عيوب ونقائص صنعه وتطبق على هذا الضمان أحكام الفصول 549 و 553 و 556 "
26- الفصل 745 من ظ ل ع
رابعا:تميز الشركة التجارية عن عقد القرض وعن عقد العمل
من المعلوم أن أول شيء يشد إنتباه القارئ الفاضل هو العنوان أعلاه ( تميز الشركة التجارية عن القرض وعقد العمل )، والسبب الرئيسي هو تفادي الكم والتكرار الذي لايرتقي لتحليل منهجي مضبوط، ولعلى أول نقطة يمكن البدء بها هو عقد القرض (1) في حين نخصص عقد العمل في النقطة (2) .
1-عقد القرض
إن أساس تكوين الشركة يرتكز بشكل كبير على فكرة إقتسام الأرباح والخسائر27، وبدون إقسام الربح لانكون أمام مفهوم قانوني للشركة التي يقوم اعتبارها على غاية إقتصادية محضة هادفة إلى الربح وتضخيم رأسمالها، على عكس القرض فباعتباره رابطة بين شخصين الأول هو المقترض والثاني هو القترض يهدف الطرف الأول الى اقتراض مبلغا من المال قصد تحقيق غاية حيث يلتزم كذلك برد المال إلى المقرض عند حلول الأجل المتفق عليه إما دفعة واحدة أو بالأقساط، فالمقترض لايستفيد بشكل إجابي لإستفادة من لأرباح الشركة كما لايتحمل الخسائر التي قد تصاب بها هذه الشركة لأنه في لأساس بعيد كل البعد عن فكرة الإستثمار مشروع معين.
أما من جانب أخر يوجد هناك فرق بين الشركة التجارية وعقد العمل لهذا أدرجناه في هده النقطة كي لا يشكل خلط كبير مع مفهوم عقد المقاولة الذي تطرقنا إليه أعلاه .
2-عقد العمل28
ينص الفصل 723 من ظهير الالتزامات والعقود "إجارة الخدمة أو العمل عقد بمقتضاه يلتزم احد طرفيه بأن يقدم للأخر خدماته الشخصية للأجل محدد أو آداء عمل معين، في نظير أن يلتزم هذا لأخير بدفع مبلغ له "29، نستشف من هذا الفصل بأن المشرع لم يعطي تعريفا دقيقا لعقد الشغل حيث أغفل بشكل كبير عن تحديد العناصر الواجب توفرها في هذا العقد، مما عرض تعريفه الى مجموعة من الإنتقادات فجانب من الفقه يرى بأن إستعمال مصطلح (إجارة الخدمة ) يجعل العمل الإنساني شبيها بالسلعة ولايعير أي إهتمام لشخص الأجير30، لأن الأساس التميز بين عقد الشغل والشركة يكمل مبدئيا بأن عقد الشغل يقوم على مبدء التبعية وعنصرالأجر وطريقة آداء هذا لأخير كما نصت المادة 6 من مدونة الشغل المغربية31 رقم 65.99، عكس الشركة التي تنبني على أساس المساواة.
__________________
27- الفصل 1035 من ظل ع
28- تجدر الإشارة بأن مفهوم عقد العمل ليس هو مفهوم عقد المقاولة لأنه كثير من الأحيان يثار الخلط بشكل مفرط بين المفهومين و السبب راجع لكون المشرع نظهما في باب واحد من ظهير الالتزامات والعقود ـ الباب الثاني بعنوان في إجارة الصنعة و إجارة الخدمة ـ فعقد المقاولة هو من العقود التي ترد على العمل، و المقاول لايكون في تبعية رب العمل حيث ينجز عمله بشكل مستقل ، أما بالنسبة لعقد العمل (عقد الشغل ) يرد على العمل في ذاته وطبيعة التبعية بين العامل ( الأجير) و رب العمل ( المشغل).
29- الفقرة الأولى من الفصل 723 من ظ ل ع
30- عبد الرحيم بن بوعيدة ، مرجع سابق ، صفة 22
31- المادة 6 من مدونة الشغل "يعد الأجير كل شخص التزم ببذل نشاطه المهني تحت تبعية مشغل واحد أوعدة مشغلين، لقاء آجر آيا كان نوعه و طريقة أداءه".
خامسا:تميز الشركة التجارية عن الشركة المدنية.
لطالما كان التعريف الأساسي للشركة بصفة عامة يقوم على عنصر الربح، حتى أصبح الخلط بين الشركة التجارية والشركة المدنية أمرا عاديا، حيث كان التميز بينهما نفس المعيار المتخد لتفرقة بين التاجر وغير التاجر، وذلك بأن التجار يكتسبون الصفة التجارية بالممارسة الإعتيادية والإحترافية32، من هنا يبين بأن الصفة التجارية مرتبطة بالممارستها فكلما تم احترام هذه الشروط الموضوعية أعد هذا الشخص تاجرا، وإذا لم تحترم هذه الشروط من طرف صاحبها أعد شخصا مدنيا.
حيث كانت تعتبر الشركة تجارية كلما كان عملها تجاريا، ومدنية كلما كان عملها مدنيا، لكن مع صدور القانون الجديد للشركات تغير الوضع القانوني لهذه الأخيرة لم يبقى التميز التي كانت تستند عليه كافيا وقد نص المشرع في قانون الشركات على إعتبار كافة الشركات تجارية باستثناء شركة المحاصة (socéité en participation) التي لا تعد تجارية الا إذا كان غرضها تجاريا33، وبالرجوع إلى النظام القانوني الذي وضعه المشرع هو الذي يحدد أساس تجاريتها بغض النظر عن الشاط الذي تمارسه، بمعنى أن الشركة تعد تجارية إذا تمثلة في شكل شركة المسؤولية المحدودة ـ société a' responsabilité limiée ـ أو تركة التضامن ـ sociéte en nom collectif ـ أو التوصية البسيطة ـ société en commandite simple ـ أو التوصية بالأسهم ـ société en commandite par actions ـ أو شركة المساهمة ـ sociéte par actions ـ فالقانون نظم لكل من هذه الشركات أعلاه نظامها الخاص بها من شروط خاصة بالتأسيس
ونظامها القانوني، وحتى الشكلية الملزمة لها التي لابد وأن تحترم بشكل دقيق جدا فتعد حينئذ تجارية حتى لو كان غرضها مدنيا، وبهذا يبقى على عاتق الشركاء في الشركة التجارية أن يحترموا النظام القانوني الموضوع من طرف المشرع تحت طائلة البطلان .
صفوة القول
من خلال مراحل التحليل التي تطرقنا لها بمجموعة المراحلة بداية من الجمعية وصولا الى الشركة المدنية لابد وأن أهم شيء يستنتج هو أن الشركة التجارية تقوم على أساس واحد وهو عنصر الربح
وقتسامه فيما بين الشركاء هذا بالنسبة للمفاهيم الأولى أما عنصرها الأخر والذي يفرق بينها وبين الشركة المدنية وهو مامدى إحترام الشكلية الموضوعة من طرف المشرع في قانون الشركات التجارية
وفي لأخير قبل أن نختتم هذا المقال نتمنى من الله سبحانه وتعالى أن نكون قد أجبنا على مختلف النقط الجوهرية، وهذا لايعني أننا بصفة الكمال لأن الخطأ والنسيان من طبيعة البشر والكمال لله تعالى.
تـــــــــــــــــــــــــــــم بــــحول لله.
_________________
32- المادة 6 والمادة 7 من مدونة التجارة المغربية
33-المادة 1 من قانون شركات المساهمة رقم 17.95 والمادة 2 من قانو ن الشركات رقم 5.96.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق