تزويج القاصر بين الأصل والإسثتناء، مقاربة علمية على ضوء ما أفرزته الممارسة القضائية _هشام السفاف - القانون فابور droit fabour
تزويج القاصر بين الأصل والإسثتناء، مقاربة علمية على ضوء ما أفرزته الممارسة القضائية _هشام السفاف

تزويج القاصر بين الأصل والإسثتناء، مقاربة علمية على ضوء ما أفرزته الممارسة القضائية _هشام السفاف

شارك المقالة

تزويج القاصر بين الأصل والإسثتناء، مقاربة علمية على ضوء ما أفرزته الممارسة القضائية



إعداد :
هشام السفاف                                                 
عضو نادي قضاة المغرب                                      


تـــــمـــــهــــــيـــــد:
لقد أولى المجتمع الدولي لحقوق الانسان أهمية بالغة منذ منتصف القرن الماضي، باعتباره محور الوجود في هذا العالم، ثم بعد ذلك ازداد اهتمامه بحقوق بعض الفئات على وجه الخصوص، نظرا لضعفها وحاجتها، ومنها الأطفال، فكان من ذلك التوقيع على اتفاقية حقوق الطفل (سنة 1989)، لتكون بذلك وثيقة دولية، أسست لمرجعية كونية لحقوق هذه الفئة، والتي اعتبرت الطفل كل من لم يتجاوز 18 سنة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بمقتضى قانون وطني (م.1)، كما نصت على ضرورة مراعاة المصلحة الفضلى للطفل في جميع الإجراءات التي تقوم بها المحاكم والسلطات الإدارية والهيئات التشريعية ومؤسسات الرعاية (م.3). مع اتخاذ الدول لجميع التدابير الفعالة والملائمة بغية إلغاء الممارسات التقليدية المضرة بصحة الطفل (م24).
وفي هذا السياق لم يكن المغرب نشازا ولا متخلفا عن بقية الركب الدولي، حيث عمل على ملاءمة تشريعه الوطني، بما لا يتناقض مع الوثيقة المذكورة، وفي الوقت ذاته دون أن يغيب الواقع المغربي، حيث أكد على أن اكتمال أهلية الفتى والفتاة ببلوغهما 18 سنة شمسية كاملة، يعتبر عنصرا رئيسا في إنجاح الزواج وحصد ثماره، واضعا بذلك المرجعية الكونية أصلا في هذا الميدان (م 19 م. الأسرة)، غير أنه انتقل إلى تكريس الخصوصية المغربية، فأقر استثناء من الأصل المشار إليه بجواز تزويج القاصر (م 20 م. الأسرة)، وقيده بضرورة مراعاة المصلحة الفضلى للطفل من هذا الزواج، وجعل أمر النظر في ذلك منوطا بأعناق نساء ورجال السلطة القضائية المكلفين به. ورتب على ذلك اعتبار الزوج(ة) القاصر راشدا فيما يتعلق بآثار الزواج (م22 م. الأسرة)، دون أن يكون قد خرج عن نص (م1) من الاتفاقية الدولية التي تجيز ترشيد الطفل قبل بلوغ 18 سنة.
إن محاور هذه الورقات لم أدخر جهدا في أن تكون من باب العمل المختصر غير المخل، وأعرضت فيها عن كثير المقال المفضي إلى التطويل خوف الملل، وذلك نظرا للسياق الذي جاءت فيه، والمقام الذي تلقى بمناسبته، وهي تروم استجلاء دور القضاء في الحفاظ على القاعدة الأصلية، وجعل الاستثناء مكملا لها، لا بديلا عنها، استنادا إلى قواعد الموازنة بين القاعدة العامة وقرينتها الخاصة الواردة عليها، والتي تقتضي تضييق دائرة الاستثناء وعدم التوسع فيه، إلا بالقدر الذي تحتمه الضرورة أو الحاجة التي تقدر بقدرها على أي حال، مع الأخذ في الاعتبار أن الضرر يزال، وعند تزاحم الأضرار، فإن الضرر الأخف يحتمل بغية دفع الأثقل.

ومن هذا المنطلق يحق لنا التساؤل إلى أي حد أسهم العمل القضائي في تكريس الطابع الاستثنائي لزواج القاصر، وجبر مكامن القصور في النص القانوني بحسب ما يسمح به مبدأ فصل السلطات، وتفعيلا لدوره الاجتهادي المكمل، مع تنزيل مقتضياته بما يضمن حقوق القاصر ويجسد مصلحته الفضلى؟
وقصد بلوغ الهدف من دراسة هذا الموضوع، فإنه يمكن تناوله من زوايا متعددة، ترتكز على مقاربات متداخلة فيما بينها، منها القانونية والحقوقية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية والثقافية والتربوية والطبية (...)، غيره أنه من باب التخصص، ولكون أغلب ما وقفت عليه من مقالات تفتقر إلى الجدية في سبر عمق العمل القضائي، وتلمس الإشكالات التي تواجهه عند البت في قضايا تزويج القاصرين، وما ابتكره من حلول واجتهادات ترمي تجويد النص القانوني، فقد ارتأيت أن يكون أساس هذه الورقة معتمدا على المقاربة القانونية - القضائية، على أنك عزيزي القارئ الكريم لن تعدم – ان شاء الله - تجسيدا لباقي المقاربات المذكورة التي ستقف عليها في مواضعها.
ونظرا لكون طلاوة الموضوع لا يمكن ملامستها عبر البحث القانوني الصرف فقط؛ وإنما تظهر أيما ظهور عند ربط ذلك بما أفرزته الممارسة العملية، لكون هذه الأخيرة تعد المحك الحقيقي لاختبار جودة القانون، وقدرته على ضمان الحقوق، فقد كان من اللازم أن أتناوله في إطاره القانوني الذي تتجاذبه قاعدتا الأصل والاستثناء، على ضوء التجربة القضائية وما أبرزته من مظاهر النجاح وجوانب القصور.
لأجل هذا، وحتى نقف على مختلف جوانب الموضوع، فقد ارتأيت تناول هذه المداخلة عبر ابراز دور القاضي المكلف بالزواج في تكريس الحماية المسطرية للقاصر عند اعمال القاعدة الاستثنائية (المدخل الأول).
وكذا الكشف عن المعايير المتخذة أساسا لتقدير المصلحة الفضلى للقاصر من زواجه، مع بيان بعض المعطيات الإحصائية المتعلقة بالموضوع على صعيد المحكمة الابتدائية بإنزكان عن السنة القضائية لعام 2018 (المدخل الثاني).
المزيد على الرابط أسفله 
  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمكنكم الانضمام الى متابعينا في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي للتوصل بكل جديد hgerht, التقافة القانونية في مختلف المواضيع اليومية

في الموقع الان

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *