آثار تطبيق قانون المسطرة المدنية على المنازعات الإدارية_للباحث عبد الرحيم أضاوي _ماستر قانون المنازعات ،كلية الحقوق مكناس
مقدمة :
يشكل القضاء الإداري الضمانة الأساسية لتحقيق المشروعية وخضوع التصرفات الإدارية لأحكام القانون ، هذا على عكس الرقابة الذاتية أو الرقابة الإدارية التي تقوم بها الإدارة بنفسها [1].ولتكريسها فان المشرع المغربي قام بوضع مجموعة من القواعد القانونية الإجرائية ؛ التي يجب احترامها عند إقامة الدعوى؛ وكيفية الفصل فيها؛ وإصدار الأحكام المتعلقة بها؛ وطرق الطعن في هذه الأحكام؛ و كيفية تنفيذها. وتعتبر هذه الإجراءات روح التقاضي ووسيلة مهمة من أجل تحقيق مبدأ العدل والإنصاف والحصول على الحق بالطريقة العادلة، ومسطرة التقاضي هي الإجراءات التي تتبعها الأطراف من أجل الحصول على حقها المقرر بموجب القانون، ابتداء من وضع المقال بصندوق المحكمة إلى أن يصبح الحكم نهائيا، وقد تطول هذه المسطرة أو تقصر حسب طبيعة القضية المعروضة على المحكمة [2].
يعتبر إنشاء المحاكم الإدارية بالمغرب تجسيدا فعليا للتوجه نحو تأسيس دولة الحق والقانون ، خصوصا وأن القضاء المغربي عاش مخاضا عسيرا إلى أن وصل إلى الحال الذي هو عليه الآن ، فقد عرف التشريع القضائي الإداري المغربي منعرجين حاسمين في تاريخه ، ويتمثلان في مرحلة القضاء الموحد أو ما يسمى بمرحلة ما قبل إنشاء المحاكم الإدارية ، التي جمعت بين ثلاثة حقب تاريخية مهمة ، هي فترة ما قبل الحماية حيث كانت الإدارة تقوم بوظائف التنفيذ والتشريع والقضاء معا، بحيث لم يكن يوجد آنذاك مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث. ثم فترة فرض الحماية على المغرب سنة 1912، بحيث انه قام المستعمر الفرنسي بعدة إصلاحات تخدم مصالحه. وبالنسبة للمجال الإداري فقد قام بإنشاء محاكم فرنسية تختص بالنظر في بعض القضايا الإدارية طبقا للفصل الثاني من ظهير 12 غشت سنة 1913،[3] ولم يرد مشرع الحماية آنذاك سبيلا إلى إحداث قضاء إداري متخصص رغم أنه أخد بازدواجية القانون ، بعد ذلك جاءت فترة استقلال المغرب ، والذي كان من أبرز ما يميز هذه الفترة هو قيام المشرع المغربي بإحداث المجلس الأعلى بظهير 27 شتنبر 1957،[4]الذي كان من بين اختصاصاته النظر في المنازعات الإدارية المتعلقة بالإلغاء ، ثم بعد ذلك وصل القضاء الإداري المغربي إلى مرحلة القضاء المتخصص التي انطلقت بإنشاء محاكم الإدارية بمقتضى القانون 41- 90[5] ، محاكم الاستئناف الإدارية بمقتضى القانون 80.03[6] ،
مسطرة التقاضي الإدارية تكتسي أهمية بالغة على مستوى الآثار القانونية والمادية المترتبة عنها ، بحيث أنها تمكن الأفراد من الحفاظ على حقوقهم في مواجهة الإدارة بشكل مشروع من شأنه أن يكرس لمفهوم تحقيق العدالة الاجتماعية والقضائية ، هذه المسطرة التي بطبيعة الإجراءات المتضمنة فيها من شأنها أن تمكن قاضي الموضوع الذي عرضت عليه هذه المنازعة الإدارية الوقوف على مختلف التفاصيل والحيثيات المتعلقة بالدعوى المعروضة أمامه، بالتالي تسهل عليه عملية البت في القضية ، بالنسبة للتنظيم الإجرائي لمسطرة التقاضي الإدارية ، فانه على الرغم من إنشاء القانونين 41-90 المتعلق بمحاكم الاستئناف ، و القانون 80-03 المتعلق بمحاكم الاستئناف الإدارية ، فان المشرع المغربي لم يضع مسطرة خاصة للترافع أمامها ، إنما قام بالإحالة على قانون المسطرة المدنية [7]، هذا الأمر الذي يطرح إشكالات عديدة ، خصوص أن المنازعات الإدارية بطبيعتها تختلف عن المنازعات العادية ،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق