التنفيذي بعقلية أم بعقليتين؟، بين الإداري والقضائي-الدكتور شنفار عبد الله- - القانون فابور droit fabour
التنفيذي بعقلية أم بعقليتين؟، بين الإداري والقضائي-الدكتور شنفار عبد الله-

التنفيذي بعقلية أم بعقليتين؟، بين الإداري والقضائي-الدكتور شنفار عبد الله-

شارك المقالة


التنفيذي بعقلية أم بعقليتين؟، بين الإداري والقضائي-الدكتور شنفار عبد الله-





القانون فابور

التنفيذي بعقلية أم بعقليتين؟، بين الإداري والقضائي..2/2
****----****----**
بالنظر إلى الهيكل والبناية - وهنا يكمن الخطأ- اعتبر رواد النظرية الوحدوية كون القضاء واحدا أي الجانب الشكلي منه، إلا أنه بالمعنى الوظيفي يمكن القول أنه كان هناك فعلا قضاء في المجال الإداري وقضاء مدني والذي عرف الثنائية الفعلية مع إنشاء المجلس الأعلى سنة 1957 ليتم فصل البناية والهيكل مع صدور قانون 41/90 والمحاكم الإدارية السبع.
قال المقيم العام بالمغرب: "إن فصل السلطات هو إبداع طريف نسبيا في أوربا ويبدو أن الساعة قد أزفت للشروع فيه بالمغرب، مع مراعاة العوائد والتقاليد المتأصلة في عناصر السكان الذين بقوا بعيدا عن مجرى التفكير الحديث. وفي مثل هذه الظروف تكون أحسن وسيلة هي سلوك التجربة بشكل يساعد على قطع المراحل دون اصطدام بخطر من الأخطار، وسيحصر موضوع هذا الإصلاح في بعض المدن الكبرى، ولن يمس هذا الإصلاح السلطة الجنائية، ولا يطبق إلا في القضايا المدنية والتجارية".
إذا كان هذا هو وضع وحال النظام القضائي والقانوني في مرحلة ما قبل وإبان الحماية، حيث عاش المغرب وضعا استثنائيا وخاصا في صيرورته التاريخية، فكيف هو الحال في الوقت الحالي ؟
غداة فجر الاستقلال وفي خطاب العرش الأول حدد جلالة الملك محمد الخامس رحمه الله المبادئ الأساسية للدولة الفتية من خلال المهام الثلاث الآتية:
- مهمة آلية التدبير؛
- مهمة وضع مؤسسات ديمقراطية على أساس الانتخاب؛
- فصل السلط في إطار الملكية الدستورية.
وجاء في خطاب له بتاريخ ديسمبر 1955: "إن المهام التي نسندها إلى هذه الحكومة قد حصرنا نطاقها في خطاب العرش الأخير، فعلى وزرائنا أن يتقوا الله في الرعية ويدبروا شؤون البلاد على أساس فصل السلط".
وأكد على ضرورة إلغاء أي نص يخالف مبدأ الحكومة المغربية الرامي إلى فصل السلطات، حيث صدر بتاريخ 19 مارس 1956 ظهير يلغي كل أنواع الرقابة على شؤون العدل المخزني كيفما كان نوعها عامة أو خاصة. وجاء في خطاب 2 أكتوبر 1956 لدى افتتاح جلالته للسنة القضائية بمحكمة الاستئناف العصرية بالرباط : "نحن نسلك لهذا الإصلاح المبادئ التي تمليها العدالة نفسها، وأهمها مغربة القضاء كله واستقلاله عما سواه من السلط وحفظ كرامة رجاله".
وهكذا ومنذ الاستقلال توالت الإصلاحات القضائية، حيث نميز حاليا بين أربع عائلات قضائية: محاكم الجماعات والمقاطعات، المحاكم الابتدائية، محاكم الاستئناف، المحاكم الإدارية ثم المجلس الأعلى كدرجة للنقض واستئناف أحكام المحاكم الإدارية ومنظما للاجتهاد والعمل القضائي. لكن ما طبيعة استقلال السلطة القضائية بالمملكة؟
نميز في إطار فصل السلط تقليديا بين السلطة التشريعية، التنفيذية والقضائية. فالأولى تتولى مهمة التشريع وإصدار القوانين والثانية تعمل على تنفيذ القوانين والإدارة رهن تصرفها أما الثالثة فتسهر على مراقبة الشرعية والمشروعية. وإذا كان عمل الأولى واضحا إلى حد ما، فإن مجال الخلط يظهر جليا بين التنفيذي والقضائي، بحيث إذا كان القاضي يعمل على تطبيق القانون -ويمكن أن يجتهد مع النص في إصداره للأحكام- فإن الإدارة أيضا تعمل على تنفيذ القانون ويمكن أن تصدر قرارات إدارية بناء على القانون أو بناء على السلطة التقديرية وفي إطار الملاءمة. والغموض في عمل هذه وتلك يظهر جليا من خلال:
- نجد أن السلطة القضائية منظمة في إطار التنفيذي حيث إن وزير العدل هو شخصية سياسية وإدارية في نفس الوقت. ونجد سلطات إدارية هي في نفس الوقت سلطات قضائية وإدارية: المجلس الأعلى للحسابات حين يبث و يصدر أحكاما ذات طبيعة قضائية كما هو الشأن بالنسبة لهيأة المحامين والصيادلة، بالنظر إلى طبيعة العمل والنشاط المزاول.
- على المستوى الدستوري نجد الفصل 82 ينص على أن: "القضاء مستقل عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية". والفصل 83 حيث "تصدر الأحكام وتنفذ باسم الملك".
- القايد بحكم القانون يعتبر سلطة قضائية القايد كان يتوفر على سلطة التنفيذ القضائي وليس السلطة القضائية، لكن مع دخول الحماية أصبح يبث في بعض النزاعات، مما أدى إلى الخلط بين السلطتين الإدارية والقضائية. والمحاضر التي يحررها ويبعث بها لوكيل الملك يجب أن تخضعه للسلطة التسلسلية لوكيل الملك، لكن الواقع غير ذلك.
أيضا في ترجمة السلطة القضائية من العربية إلى الفرنسية نقول عوض Le pouvoir judiciaire، L’autorité judiciaire.
بالنظر لهذا التداخل يمكن القول أن استقلالية السلطة القضائية عن السلطة الإدارية يبقى نسبيا بحيث يمكن القول أن التنفيذي بالمغرب هو برأسين؛ وليس برأس واحد Mono Céphale، وذلك راجع للرواسب التاريخية التي تطرقنا إليها حيث تعايش "الشرع"، المخزن، وتكامله مع الآني. ووجود حكام المقاطعات لا يخضع لأي منطق للقول بالاستقلالية، حيث الانتماء الحزبي، في حين المفروض هو الحياد واستقلالية القضاء. هناك فتوى لعلال الفاسي تندد بموقف الأحزاب من حكام الجماعات والمقاطعات، وتطالب بضرورة استقلال القضاء عن التوجهات الحزبية، حيث ذهب إلى أن حكام المقاطعات والجماعات ليست من القضاء في شيء. فتوى 2 فبراير 1974 جريدة العلم 20 فبراير 1974.
 فالأحزاب تنادي باستقلال القضاء وفي نفس الوقت تندد بتدخل السلطة للحيلولة دون فوز المنتمين لأحزابهم من هؤلاء الحكام، فما معنى هذا الخلط؟. لقد تم التخلي عن هذا النظام التقليدي.
هناك كذلك نظرة المواطن المغربي وإعطائه الأسبقية للحق على القانون بأبسط الوسائل وبعيدا عن الإجراءات القضائية، بحيث العديد من القضايا الكبرى والتي يمكن أن تأخذ سنوات أمام المحاكم يتم حلها على مستوى القايد، تماما على شاكلة الأحكام القضائية وفي أقرب وقت، جعل  الاستقلالية عديمة المفعول. ذ. محمد ضريف في معرض سؤال له لأحد المنتخبين وهو رئيس لجماعة عين حرودة، ما رأيك في القايد اليوم والقايد بالأمس؟ أجاب هذا المنتخب؛ أن القايد هو قايد الأمس الذي يعطيك حقك على التو حينما تلجأ إليه، أما قايد اليوم فحين تلجأ إليه يقول لك هذا ليس من اختصاصي، استطرد ضريف قائلا: لكن هذا شيء منطقي إنه فصل السلط، فرد عليه المنتخب-الرئيس قائلا وهو يلمح بأسبقية الحق على القانون قائلا ماذا عساني أفعل بأرض لبتث يوما عند مغتصبها مشبها الأرض بالمرأة". النسق السياسي المغربي المعاصر.
كذلك سلوك الإدارة في الامتناع أحيانا عن تنفيذ الأحكام القضائية والذي يمكن تفسيره في كونها تعتبر نفسها في نفس مستوى السلطة القضائية.
وبناء عليه فلا يمكن اعتبار وجود إلا سلطتين فقط؛ سلطة تشريعية من جهة وسلطة تنفيذية برأسين: الإداري والقضائي من جهة ثانية. رؤية طرح مقبولة على مستوى التحليل والبناء من وجهة نظر العلوم الإدارية، لربما مغلوطة على مستوى نظرية فصل السلط الذي لا ينطبق على مستوى المؤسسة الملكية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمكنكم الانضمام الى متابعينا في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي للتوصل بكل جديد hgerht, التقافة القانونية في مختلف المواضيع اليومية

في الموقع الان

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *