دور القانون الإداري في حماية حقوق وحريات الأفراد - القانون فابور droit fabour
دور القانون الإداري في حماية حقوق وحريات الأفراد

دور القانون الإداري في حماية حقوق وحريات الأفراد

شارك المقالة

التصميم:
مقدمة.
المبحث الأول: دور القضاء العادي في حماية حقوق و حريات الأفراد.
المطلب الأول: حق التقاضي.
المطلب الثاني: حق الإطلاع على المعلومات القضائية: التأرجح بين حاجتي العلنية والسرية.
الفقرة الأولى: حق الإطلاع في مرحلتي التحقيقات الأولية و الإستنطاقية.
أولا: المبدأ.
ثانيا: الاستثناءات.
ثالثا: المخالفات.

الفقرة الثانية: حق الإطلاع في مرحلة المحاكمات.

أولا: المبدأ.
ثانيا: الاستثناءات.
ثالثا: المخالفات.
الفقرة الثالثة: حق الإطلاع على الأحكام والقرارات.
أولا: المبدأ.
ثانيا: الاستثناء.
ثالثا: المخالفات.
المطلب الثاني: إحالة المدنيين إلى القضاء العسكري وحكم محكمة القضاء الإداري والإدارية العليا
المطلب الثالث: السياسة الجنائية بالمغرب.
الفقرة الأولى: الاعتقال الاحتياطي.
الفقرة الثانية: تفريد العقوبة أثناء المحاكمة.
الفقرة الثالثة: تفريد العقوبة على مستوى التنفيذ.
الفقرة الرابعة: سياسة الإصلاح و إعادة الإدماج.
المبحث الثاني: دور القضاء الإداري في حماية حقوق و حريات الأفراد.
المطلب الأول: القضاء والرقابة على أعمال الإدارة.
الفقرة الأولى: صور الرقابة القضائية على أعمال الإدارة.
أولا: نظام القضاء الموحد.
ثانياً: نظام القضاء المزدوج.
الفقرة الثانية: أهمية وجود القضاء الإداري

أولا: ظهور القضاء الإداري.

ثانياً: خصوصية القضاء الإداري.

ثالثاً: ولاية القضاء الإداري على أعمال الإدارة.

المطلب الثاني: نشاط الإدارة العامة في مواجهة الأفراد.
الفقرة الأولى: ماهية وأغراض الضبط الإداري.

أولا: التعريف بالضبط الإداري.

ثانياً: أنواع الضبط الإداري.

ثالثاً: أغراض الضبط الإداري.

الفقرة الثانية: وسائل الإدارة في تقييد الحريات.
أولا: أنظمة الضبط الإداري.
ثانياً: أوامر الضبط الإداري الفردية.

ثالثا: التنفيذ الجبري.

المطلب الثالث: رقابة القضاء الإداري على سلطات الضبط الإداري.
الفقرة الأولى: رقابة القضاء في الظروف العادية.

أولا: الرقابة على الهدف.

ثانيا: الرقابة على السبب.

ثالثا: الرقابة على الوسائل.

 رابعا: رقابة الملائمة.
الخاتمة.
مقدمة:
"لكل إنسان على قدم المساواة التامة مع الآخرين الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة نظرا منصفا وعلنيا.." (المادة 10).
"كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن يثبت ارتكابه لها قانونا في محاكمة علنية تكون قد وفرت له فيها جميع الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه" (المادة 11).
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
يعتبر حق الوصول إلى العدالة من الحقوق الأساسية اللصيقة بشخص الإنسان تماماً كحقه في الحياة، وبالتالي يقع على الدولة واجب كفالة هذا الحق واتخاذ كافة التدابير اللازمة لحمايته.
يؤدي الوصول إلى العدالة إلى خلق تفاعل ما بين النظام القضائي الرسمي وبين المواطنين مبني على الثقة ما بين الشعب والدولة، بحيث يكون هذا النظام المورد الأساسي ليلاقي احتياجات الأفراد القانونية ويعمل على توعيتهم بحقوقهم الأساسية. كما يقدم لهم المعلومات بصورة مستمرة عن الأساليب والإجراءات المتبعة لتحقيق العدالة خاصة الأساليب المتبعة لحل المنازعات،  ومن هنا تنبع أهمية أن تكون الأساليب المتبعة لنشر المعلومات القانونية متاحة للجميع وغير مكلفة، وأن يمتاز النظام العدلي بالشفافية وهذا يعني أن يسمح النظام للعامة بالإطلاع على تفاصيل الحكم (المبادئ والأحكام التي بني عليها الحكم و أي إجراءات اتبعت للوصول إلى نتيجة القرار العادل بكفاءة وفاعلية) وليس فقط أن يمكن العامة من الإطلاع على القرار، ويجب أن يضمن النظام إمكانية نقل ونشر المعلومات التي توفرها الدولة للعامة من خلال استخدام وسائل الاتصال المختلفة شاملا بذلك الانترنت وذلك ضماناً لتوسيع دائرة الفئات المستفيدة من النظام.
الحق في محاكمة عادلة وعلنية، من حقوق الإنسان الأساسية. حق كفلته وحضت عليه معظم المواثيق والصكوك الدولية عبر تحديد معايير يجب أن تتوفر في الأنظمة القضائية الوطنية في مختلف أنحاء العالم.
يُنتهك هذا الحق في كثير من بلدان العالم الثالث، حيث تتضافر جملة عوامل على حرمان المواطن من محاكمة عادلة ونزيهة. من هذه العوامل، عدم استقلال السلطة القضائية وخضوعها لتدخلات السلطة التنفيذية والأجهزة الأمنية ، انتشار الفساد في الجهاز القضائي ، سريان حالة الطوارئ والأحكام العرفية.
وتشكل أنظمة القضاء الاستثنائي التي تنشأ عادة بموجب مراسيم خاصة تحت مظلة  قانون الطوارئ، أكثر العوامل خطورة في انتهاك الحق في محاكمة عادلة.
وكما أشارت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان فإن "السبب في إنشاء هذه المحاكم في الغالب هو فتح الباب أمام تطبيق إجراءات استثنائية لا تتمشى مع المعايير العادية العادلة"[1].
وتتخذ هذه المحاكم مسميات عديدة من تختلف من دولة لأخرى، كمحكمة أمن الدولة ومحكمة الثورة والمحكمة الجنائية الخاصة وغيرها.
أكثر هذه المحاكم انتشارا في منطقتنا العربية، هي محاكم أمن الدولة، التي وإن اختلفت فيما بينها من دولة إلى أخرى في بعض التفاصيل، إلا أنها في المجمل تبقى محاكم استثنائية لا تطبق جميع إجراءات المحاكم العادية، وتفتقد في معظم الأحيان إلى شرطي الاستقلالية والحياد اللذين يشكلان أساس عدل القضاء.
المغرب بدوره عرف أشكالا مختلفة من المحاكم الاستثنائية، مثل المحاكم العسكرية.
يستمر العمل حاليا بالأشكال المذكورة أعلاه من أنظمة قضاء الاستثناء، وإن كان العمل بمحاكم الميدان العسكرية أصبح بشكل أقل كثيرا في الوقت الحالي عما كان عليه قبل سنوات[2].
وتعتبر محكمة أمن الدولة أكثر أشكال القضاء الاستثنائي استخداما في وقتنا الحالي، حيث لا تزال هذه المحكمة قائمة منذ نحو أربعة عقود، وقد حوكم أمامها – ولا يزال، آلاف المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي من مختلف التيارات والاتجاهات السياسية والفكرية .
فكيف نضمن حقوق و حريات الأفراد من خلال الأدوار التي يقوم بها كل من القضاء العادي و القضاء الإداري؟
و سنتطرق في موضوعنا هذا إلى محورين:
المحور الأول: دور القضاء العادي في حماية حقوق و حريات الأفراد.
المحور الثاني: دور القضاء الإداري في حماية حقوق و حريات الأفراد.
المبحث الأول: دور القضاء العادي في حماية حقوق و حريات
                   الأفراد.
المطلب الأول: حق التقاضي.
الحق في المعاملة على قدم المساواة أمام المحاكم وجميع الهيئات الأخرى التي تتولى إقامة العدل
على أن "حق التقاضي مكفول وفقا للقانون".
شرف القضاء، ونزاهة القضاة وعدلهم أساس الحكم وضمان للحقوق والحريات.
لا سلطان لأية جهة على القاضي في قضائه، ولا يجوز بحال التدخل في سير العدالة، ويكفل القانون استقلال القضاء ويبين ضمانات القضاة والأحكام الخاصة بهم.
يضع القانون الأحكام الخاصة بالنيابة العامة، وبمهام الإفتاء القانوني وإعداد التشريعات، وتمثيل الدولة أمام القضاء، وبالعاملين في هذه الشؤون.
ينظم القانون أحكام المحاماة".
الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، ويتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة.
العدل أساس الحكم، والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين، والحرية والمساواة والأمن والطمأنينة والعلم والتضامن الاجتماعي وتكافؤ الفرص بين المواطنين دعامات للمجتمع تكفلها الدولة.
ولقد جاءت جميع التشريعات المغربية خالية من أي إشارة لتمييز أو تفرقة وتسري بالتالي على كافة المواطنين في إطار الحماية القضائية المقررة في القانون. كما أن حق التقاضي من الحقوق الأساسية المقررة للكافة سواء البحرينيين أو غيرهم ومن ثم يستطيع أي مواطن أو أجنبي اللجوء إلى القضاء للمطالبة بكافة حقوقه.
إذا كان الحق في المعاملة على قدم المساواة أمام المحاكم وجميع الهيئات القضائية الأخرى التي تتولى إقامة العدل المقرر بموجب المادة 5(أ) من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري قد تم تأكيده وتطبيقه، بموجب أحكام الدستور السابق، والتي أكد عليها الدستور الحالي، وكذا قانون السلطة القضائية بشأن تنظيم القضاء، وذلك على النحو السابق توضيحه في التقارير السابقة.
القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في أداء اختصاصاتهم لغير القانون، وأن الجلسات في الأساس علنية، وأوجبت على المحاكم أن تسمع الخصوم والشهود الذين يجهلون اللغة العربية بواسطة مترجم بعد التصريح بها رسمياً أو حلف اليمين بأنه يقول الحق والصدق. وبيّنت الأحكام أنواع المحاكم وترتيبها وأوضحت شروط تعيين القضاة وترقيتهم وفق شروط موضوعية يتحقق بها تكافؤ الفرص دون أي تمييز، كما أوضحت واجبات القضاة وحصانتهم.
وأوردت الأحكام نظام الادعاء الجديد بواسطة النيابة العامة بدلاً من نظام الادعاء العام الذي كان قائماً قبل العمل بهذا القانون. وبمقتضى أحكام الباب الرابع من هذا القانون تكون النيابة العامة هي المسؤولة دون غيرها عن تحريك الدعوى الجنائية ومباشرتها مع التأكيد على إنها شعبة أصيلة من شعب السلطة القضائية. وأوردت باقي الأحكام المتعلقة بالنيابة العامة والشروط الموضوعية للالتحاق للعمل بها دون تمييز أو الاحتكام إلى أي شرط قائم على أنواع التمييز العنصري، وكذا شروط ترقيتهم وحصانتهم.
وتأكيداً على استقلالية وحصانة القضاة وأعضاء النيابة العامة فقد أوردت الأحكام أن اقتراح تعيين وترقية القضاة وأعضاء النيابة العامة وكل ما يتعلق بشأنهم يكون من اختصاص المجلس الأعلى للقضاء دون سلطان من أي جهة تنفيذية.
أكدت القواعد العامة لقانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة شعبة أصيلة من شعب السلطة القضائية وهي الأمينة على الدعوى الجنائية وتباشر التحقيق والاتهام وسائر اختصاصاتها وفقاً لأحكام القانون. ويثبت من عمومية النص القانوني عدم تمييز أو استثناء لطوائف أو أفراد أو فئات في هذه الإجراءات دون غيرهم.
وأوردت أحكام هذا القانون ما يؤكد القاعدة الأساسية المتعلقة بالمساواة أمام القانون فيما يتصل بالحقوق والحريات والواجبات العامة، حيث أكدت على وجوب التزام مأموري الضبط القضائي أن يقبلوا التبليغات والشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم وإثباتها في محاضر وإرسالها للنيابة العامة، وذلك على قدم المساواة لكل المبلغين.
وأكدت أحكام هذا القانون على أنّه لا يجوز القبض على أي إنسان أو حبسه إلا بأمر من السلطات المختصة بذلك كما يجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان ولا يجوز إيذاؤه بدنياً أو معنوياً. ويواجه كل من يقبض عليه بأسباب القبض عليه ويكون له حق الاتصال بمن يرى من ذويه لإبلاغهم بما حدث والاستعانة بمحام. وتجدر الإشارة إلى أن تعبير "أي إنسان" الواردة في هذه الأحكام يؤكد على المساواة وعدم التمييز بين كل من يتمتع بهذه الحقوق أمام الجهات الأمنية والقضائية.
وقضت أحكام هذا القانون أيضاً بأنه لا يجوز حبس أي إنسان إلا في السجون المخصصة لذلك، ولا يجوز قبول أي إنسان فيها إلا بمقتضى أمر صادر من السلطة المختصة ولا يجوز إبقاؤه في السجون بعد المدة المحددة في الأمر ولرؤساء المحاكم الجنائية وقضاة تنفيذ العقوبة وأعضاء النيابة العامة تفتيش أماكن الحبس والسجون والاتصال والاستماع لأي شكوى من أي مسجون والتأكد من تطبيق القانون عليهم في هذه الأماكن. كذلك فإن تعبيرات "أي إنسان" "أي محبوس" الواردة في هذه الأحكام تقطع بتطبيق مبدأ المساواة التام في إقرار هذه الضمانات والتمتع بها بدون أي نوع من أنواع التمييز.
وأكدت أحكام هذا القانون على أنه لا يجوز لأفراد السلطة العامة الدخول في أي مكان مسكون إلا في الأحوال المحددة في القانون. وإذا كان المتهم أنثى وجب أن يكون التفتيش بمعرفة أنثى. ولا يجوز التفتيش إلا لضبط الأشياء الخاصة بالجريمة التي تكون وقعت فعلاً وليس محتملة أو مستقبلة. ولا يجوز في التفتيش فض الأوراق إذا كانت مغلفة أو مختومة، وتسري هذه الحقوق أيضاً على جميع الأفراد دون أي تمييز.
أما إجراءات تفتيش مساكن غير المتهمين وضبط الرسائل والجرائد والمطبوعات والطرود والبرقيات لدى مكاتب البرق والبريد أو إجراء التسجيلات ومراقبة الاتصالات فلا يجوز إجراؤها بصفة مطلقة إلا إذا كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة عقوبتها الحبس وبإذن سابق من القاضي ولمدة لا تجاوز ثلاثين يوماً.
وكفلت أحكام هذا القانون المساواة وعدم التمييز لجميع الأفراد ليس في مرحلة التحقيق فقط ولكن أيضاً خلال فترة المحاكمة بل وقررت لهم أحكام هذا القانون رد القضاة بأن قررت أن للخصوم، دون أي تفريق أو تمييز، رد القضاة إن كان لديهم ما يشير إلى أن الجريمة وقعت على القاضي أو أن القاضي اتصل عمله في فترة سابقة بهذه القضية كمأمور ضبط قضائي أو بالنيابة العامة أو المحاماة أو أدلى فيها بشهادة أو أدى فيها عملاً من أعمال الخبرة.
كذلك فإن جميع الأحكام والحقوق الأخرى التي أوردها هذا القانون أثناء مراحل الاستدلال أو التحقيق أو المحاكمة أو تنفيذ الأحكام والطعن فيها وردت مطلقة مؤكدة على مبدأ المساواة وعدم التمييز وخضوع الجميع لها وتمتعهم بها دون أي تفرقة.
الحرية الشخصية مكفولة وفقا للقانون.
لا يجوز القبض على إنسان أو توقيفه أو حبسه أو تفتيشه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام القانون وبرقابة من القضاء.
لا يجوز الحجز أو الحبس في غير الأماكن المخصصة لذلك في قوانين السجون المشمولة بالرعاية الصحية والاجتماعية والخاضعة لرقابة السلطة القضائية.
لا يعرض أي إنسان للتعذيب المادي أو المعنوي، أو للإغراء، أو للمعاملة الحاطة بالكرامة، ويحدد القانون عقاب من يفعل ذلك. كما يبطل كل قول أو اعتراف يثبت صدوره تحت وطأة التعذيب أو بالإغراء أو لتلك المعاملة أو التهديد بأي منها.
لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على القانون، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة للعمل بالقانون الذي ينص عليها.
العقوبة شخصية.
المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن لـه فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة وفقا للقانون.
يحظر إيذاء المتهم جسمانياً أو معنوياً.
يجب أن يكون لكل متهم في جناية محام يدافع عنه بموافقته.
حق التقاضي مكفول وفقا للقانون.
للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها أو تفتيشها بغير إذن أهلها إلا استثناء في حالات الضرورة القصوى التي يعينها القانون، وبالكيفية المنصوص عليها فيه.
حرية المراسلة البريدية والبرقية والهاتفية والإلكترونية مصونة، وسريتها مكفولة، فلا يجوز مراقبة المراسلات أو إفشاء سريتها إلا في الضرورات التي يبينها القانون، ووفقا للإجراءات والضمانات المنصوص عليها فيه.
وينظم قانون العقوبات وتعديلاته أحكام المسؤولية الجنائية. وقد تضمن القانون كافة ما يتصل بالقواعد العامة للمسؤولية الجنائية وأنواع العقوبات والأفعال المجرمة وفقا لأحكام القانون. ويكفل هذا القانون الأمن للشخص على نفسه وماله وعرضه ويعاقب على أية أشكال للأذى يتعرض لها الشخص سواء الصادرة عن موظفين أو غير ذلك. ونص القانون على العقوبات المقررة لكل فعل وأحكام الاشتراك أو التحريض المتصلة بتلك الأفعال المجرمة. ويعد القتل والضرب والتعذيب والتهديد واستخدام العنف من الجرائم التي يعاقب عليها القانون.
وتشمل الأفعال التي يجرمها قانون العقوبات البحريني لحماية الأفراد من أي أذى بدني أو معنوي صادر عن موظفين رسميين أو جماعة أو مؤسسة، جرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات، بخلاف تفتيش الأشخاص ومساكنهم في غير الأحوال التي يحددها القانون والتعذيب، جرائم معاقبة الأشخاص بأشد من العقوبة المقررة أو بعقوبة لم يحكم بها، وإيداع أشخاص في السجن بغير أمر من السلطة المختصة، ووقف أو عدم تنفيذ الأحكام القضائية، وإتلاف الرسائل، وكذا جرائم الاعتداء على الحرية الواردة في قانون العقوبات وهي تشمل جرائم القبض والحجز بغير وجه قانوني، ودخول المساكن بغير حق وجرائم إفشاء الأسرار واستراق السمع.
ويشار في هذا الصدد إلى أن قانون العقوبات اعتبر تولي أعباء الوظيفة العامة ظرفا مشددا بالنسبة لجرائم القانون العام والتي يرتكبها الموظف العام استنادا إلى سلطته ووظيفته، ونتيجة لذلك يعاقب الموظف العام بعقوبات مشددة عن أفعال الإيذاء الصادرة منه ضد المواطنين أو الغير استنادا لأعمال الوظيفة.
وقد تناول قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالمرسوم بقانون رقم 46 لسنة 2002 كافة الضمانات التي تتعلق بأحوال القبض والتفتيش والأشخاص المخولين بذلك والجهات المختصة بإصدار أوامر الحبس الاحتياطي وتمديده بالأوامر القضائية استناداً للمراجعة الأسبوعية الوجوبية أمام المحكمة المختصة. كما استلزم القانون قيام المحكمة بالتحقيق في الاتهامات بمعرفتها، وأجاز المعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة من المحاكم على الدرجتين (الأولى و الاستئنافية).
وتخضع السجون لأحكام قانون السجون، والذي نص فيه على كافة الحقوق المقررة للمسجونين ورعايتهم والالتزام بعمليات التصنيف العقابي للمسجونين وفصل النساء والصغار. كما أوجب القانون على المسؤولين عن السجون عرض شكاوى المسجونين على الادعاء العام للتصرف فيها.
وتجدر الإشارة إلى أن أحوال القبض بدون إذن وفي غير حالات التلبس وتفتيش المساكن الخاصة دون إذن القضاء والاحتجاز في غير الأماكن المخصصة أو بدون أمر قضائي يعد جريمة وفقا لقانون العقوبات و الذي ينص على معاقبة كل موظف عام أو مكلف بخدمه عامه قام بتفتيش شخص أو مسكنه أو محله بغير رضاه أو في غير الأحوال أو دون مراعاة الشروط التي ينص عليها القانون مع علمه بذلك وقرر عقوبة الحبس لتك الجريمة.
المطلب الثاني: حق الإطلاع على المعلومات القضائية: التأرجح بين
                     حاجتي العلنية والسرية.
إن حق الجمهور والإعلام في الإطلاع على المعلومات القضائية[3] هو من المبادئ الأساسية التي تكفل عدالة المحاكمات؛ ويسوده مبدأي علنية المحاكمات والأحكام القضائية، كما يسوده مبدأ حرية الرأي والإعلام.
لكن هذه المبادئ الأساسية تترافق، وتتضارب أحياناً - لا بل تتناقض -  مع الحاجة إلى احترام مبادئ أساسية أخرى تكفل بدورها المحاكمات العادلة، هي استقلالية السلطة القضائية، ومبدأ فرضية البراءة للمتهم، والحاجة إلى المحافظة على حقوق وحريات عدد من الأشخاص والمؤسسات المفروضة حمايتهم (كالأحداث وحرمة العائلة).
وقد شهد المغرب حالات عديدة تضاربت فيها هذه المبادئ، سواء في القانون أم في الممارسة، الأمر الذي يبرز الحاجة إلى توضيح مدى أهمية حق الإطلاع على المعلومات القضائية والحدود الجائز - لا بل أحيانا، الواجب - وضعها على حق الإطلاع هذا ، وذلك في كل مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة وفي ما يتعلق بإدارة السلطة القضائية.
الفقرة الأولى: حق الإطلاع في مرحلتي التحقيقات الأولية و الإستنطاقية.
أولا: المبدأ.
يسود مبدأ السرية هذه التحقيقات التي تسمى الأولية (والأفضل القول الاستقصاء) في المرحلة التي تتولاها النيابة العامة بمساعدة  الضابطة العدلية، أو التحقيقات الأولية الإستنطاقية، التي يتولاها قضاة التحقيق.
إن مبدأ سرية هذه التحقيقات وضع لحماية مبدأ أساسي من مبادئ المحاكمات العادلة هو فرضية البراءة، الذي يقضي النظر إلى كل متهم بوصفه بريئاً حتى تثبت إدانته في محاكمة علنية عادلة.
وقد شدد قانون أصول المحاكمات الجزائية الجديد على سرية هذه التحقيقات:
فبالنسبة إلى الاستقصاءات يلتزم الضابط العدلي في جميع الإجراءات التي يقوم بها بالسرية التامة. وإذا ثبت إفشاؤه مضمون ما ضبطه من وثائق أو رسائل أو أي من الأسرار التي يحرص المشتبه فيه على إبقائها مكتومة، يلاحق أمام القاضي المنفرد الجزائي ... ويعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وبالغرامة ...أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وبالنسبة إلى التحقيقات الإستنطاقية يبقى التحقيق سرياً ما لم تُحَلْ الدعوى على قضاء الحكم باستثناء ما يتعلق بالقرار الظني. يتعرض كل من يفشي سرية التحقيق للملاحقة أمام القاضي المنفرد ... ويعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وبالغرامة ... أو بإحدى هاتين العقوبتين.
كما حظر قانون المطبوعات[4] على جميع المطبوعات، وعلى جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، تحت طائلة الحبس (من ثلاثة أشهر إلى سنة) والغرامة، نشر أو بث وقائع التحقيقات الجنائية و الجنحية قبل تلاوتها في جلسة علنية ... ووقائع تحقيقات إدارة التفتيش المركزي والتحقيق العدلي ما خلا القرارات والبلاغات الصادرة عن الإدارة المركزية ....
ثانيا: الاستثناءات.
لكن مبدأ سرية التحقيقات الأولية يصطدم بمجموعة من الحاجات الأساسية المختلفة، وبخاصة إذا كان موضوع التحقيقات لا يعني الشخص المشتبه فيه وحسب، بل يعني مصلحة عامة أيضاً (كحالات الجرائم المتعلقة بالفساد الإداري مثلًا). لذلك، يمكن استخلاص الاستثناءات المشروعة التالية على مبدأ سرية التحقيقات الأولية:
حق صاحب العلاقة بالذات في نشر المعلومات التي تعنيه، في ما يشكل تنازل عن الحق بالسرية.
حاجة الرأي العام وحقه المشروع في الإطلاع على الأحداث والأخبار القضائية في مرحلة مبكرة ومتابعتها، وبخاصة أن العديد من الملاحقات القضائية ترافق موضوعات سياسية ذات شأن عام (كحالات الفساد الإداري مثلاً) أو موضوعات اجتماعية A sensation. لكن حاجة الجمهور والإعلام لا تتفقان دائماً مع فرضية براءة المتهم ومع مبدأ استقلالية القضاء والحاجة إلى إبعاده من أي تأثير، بما فيه التأثير الشعبي والإعلامي المفرط. لذلك تبرز الحاجة كبيرة إلى تحديد المعايير والقواعد الأدبية التي ينبغي أن ترعى هذه العلاقة ما بين الإعلام والتحقيقات الأولية، سواء من جانب وسائل الإعلام أم من جانب القضاء.
ثالثا: المخالفات.
لكن يبقى أن العديد من الممارسات لا يمكن عدها من ضمن الاستثناءات المشروعة، نذكر منها:
- النشر المفرط والمخالف للقانون لوقائع التحقيقات الأولية والإستنطاقية، وبخاصة بالنسبة إلى جرائم شرف أو جرائم مرتبطة بالعائلة (يكفينا أن نتذكر التغطية الإعلامية الواسعة للتحقيقات المتعلقة بوفاة الطفلة ناتالي دباس ومدى تأثير توقيف والديها في إطار التحقيق بتهمة الاغتصاب، في شرفهما وبخاصة أن التحقيق والمحاكمة اللاحقين أثبتا براءتهما).
النشر المفرط والمخالف للقانون للصور أو التسجيلات المصورة في مرحلتي الاستقصاء والتحقيق، وبخاصة في الحالات التي لا تقع ضمن إطار الجرم المشهود (يكفينا هنا أن نتذكر أيضاً حالة البث التلفزيوني الجزئي من شريط وقائع التحقيق المجرى من قبل مدعي عام التمييز مع السيد توفيق الهندي).

الفقرة الثانية: حق الإطلاع في مرحلة المحاكمات.

أولا: المبدأ.
يسود مبدأ العلنية هذه المرحلة من العمل القضائي. ويعني مبدأ علنية المحاكمة توفير الحق والإمكان للجمهور، بمن فيه الصحافة، لحضور وقائع المحاكمة في قاعة المحكمة، أياً كان مستوى اهتمام هذا الجمهور أو ارتباطه بالمحاكمة.
إن مبدأ علنية المحاكمة هو من المبادئ العامة للقانون[5]، وقد ورد هذا المبدأ ضمن أحكام مختلفة في القانون اللبناني[6] وفي المعاهدات الدولية التي أبرمها لبنان[7]. ويعد هذا المبدأ من الضمانات التي اعتمدها القانون للحفاظ على حريات المواطن الأساسية؛ إذ يبدو الرأي العام كفالة وشاهداً ورقيباً على إدارة القضاء في تأديته رسالة العدالة وتطبيق القانون[8]. وقد يفيد التذكير كم كان التشكيك كبيراً في محاكمة أنطون سعادة، زعيم الحزب السوري القومي الاجتماعي، بسبب سريتها.
ثانيا: الاستثناءات.
لا يمكن الحد من هذا المبدأ إلا بموجب أحكام في حالات حصرية يحددها القانون في مجتمع ديمقراطي كما يأتي بعد أن أكدت على مبدأ علنية المحكمات:
"... ويجوز منع الصحافة والجمهور من حضور المحاكمة كلها أو بعضها لدواعي الآداب العامة أو النظام العام أو الآمن القومي في مجتمع ديمقراطي، أو لمقتضيات حرمة الحياة الخاصة لأطراف الدعوى، أو في أدنى الحدود التي تراها المحكمة ضرورية حين يكون من شأن العلنية في بعض الظروف الاستثنائية أن تخل بمصلحة العدالة، ..."
كما حظر القانون[9] على جميع المطبوعات، وعلى جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، تحت طائلة الحبس (من ثلاثة أشهر إلى سنة) والغرامة، نشر أو بث "وقائع [...] المحاكمات السرية والمحاكمات التي تتعلق بالطلاق وفسخ الزواج والبنوة [...] ووقائع الدعاوى الحقوقية التي تحظر المحكمة نشرها".
بطبيعة الحال، يضاف إلى هذه الاستثناءات تلك التي لا يمكن مساحة قاعة المحكمة معها استيعاب العدد الكبير من الجمهور الراغب في حضور المحاكمة. وهذا ما يثير مسألة جواز نقل وقائع بعض المحاكمات المهمة، أو التي تثير اهتماماً شعبياً كبيراً، عبر وسائل الإعلام المرئي أو المسموع. وتتضارب الأحكام التشريعية في هذا الشأن، على أن الرأي السائد يبقى الحد من حالات النقل، حفاظاً على هيبة المحاكمة والحد من التأثير الشعبي في "الرواق" (الهدوء) المفترض في أثناء المحاكمة. وقد نص قانون المحاكمات الجزائية اللبناني على جواز هذا النقل بقرار من رئيس المحكمة.
ثالثا: المخالفات.
لكن يبقى أن بعض الممارسات لا يمكن عده من ضمن الاستثناءات المشروعة، نذكر منها:
تخلو المحاكمات أمام القضاء الدستوري والإداري من احترام مبدأ علنية المحاكمات[10] ، وكذلك من شفهية المرافعات. وقد تفسر ذلك - دون أن تبرره -بعض الأسباب التاريخية التي تعود إلى الممارسة الرومانية القديمة وإلى الممارسات الفرنسية؛ لكن لا شئ في المنطق القانوني المحض يبرر الإبقاء على سرية المحاكمات هذه.
كما أن التدابير التي اتخذتها المحكمة العسكرية الدائمة والتي تؤدي عملياً إلى اقتصار حضور الجلسات على ذوي العلاقة من محامين ومتقاضين وذويهم، هي تدابير أيضاً تخالف مبدأ العلنية أيضاً.
الفقرة الثالثة: حق الإطلاع على الأحكام والقرارات.
أولا: المبدأ.
يسود مبدأ العلنية هذه المرحلة التي تختتم المحاكمة بها ، إذ يجب صدور الأحكام والقرارات القضائية بصورة علنية، ويمكن نشرها كذلك ليتسنى وصولها إلى القانونيين والمواطنين.
تكمن أهمية هذا المبدأ في كونه يحقق الوظائف الأساسية الآتية:
الأحكام والقرارات القضائية هي مصدر من مصادر القانون (وبخاصة بالنسبة إلى القانون الدستوري والإداري).
في القضاء المدني أو الجزائي، للقرارات والأحكام قوة الاستئناس عبر الاجتهاد اللازم لتفسير القانون.
كما أن نشر الأحكام يسمح بإجراء الرقابة القانونية العلمية عبر نشر الدراسات والتعليقات عليها.
ثانيا: الاستثناء.
 لكن هذا المبدأ قابل لمجموعة من الاستثناءات نصت عليها المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية كما يأتي:
[...] إن أي حكم في قضية جزائية أو دعوى مدنية يجب أن يصدر بصورة علنية، إلا إذا كان الأمر يتصل بأحداث تقتضي مصلحتهم خلاف ذلك أو كانت الدعوى تتناول خلافات بين زوجين أو تتعلق بالوصاية على أطفال.
ثالثا: المخالفات.
من أبرز المخالفات في لبنان لمبدأ علانية الأحكام:
عدم جواز نشر الآراء المخالفة بالنسبة إلى قرارات المجلس الدستوري.
عدم تسهيل السبل أمام المواطنين (وليس أصحاب العلاقة أو ذوي الصفة والمصلحة فقط) للحصول على صور من الأحكام والقرارات القضائية.
ضعف نشر الأحكام والقرارات القضائية على الرغم من أن الصحافة اللبنانية تبذل جهوداً كبيرة لنشر الأحكام والقرارات ذات الأهمية العامة أو السياسية، وغالباً بصيغتها الكاملة (توقف النشرة القضائية، تكلفة المجموعات المعروضة). كما تبرز الحاجة كبيرة إلى توفير الوصول إلى المعلومات إلكترونياً ومجاناً أو بتكلفة قليلة.
المطلب الثاني: إحالة المدنيين إلى القضاء العسكري وحكم محكمة القضاء
                     الإداري والإدارية العليا
هناك خطأ شائع بين الناس مفاده عدم جواز التعليق على أحكام القضاء بعد صدورها لأن هذا يمس هيبتها وينال من قدسيتها التي يجب أن تكون موضع احترام الجميع باعتبارها عنوان الحقيقة إلا أن هذا الأمر غير صحيح ، فأحكام القضاء بعد صدروها صارت ملكاً للخصوم يوجهون لها ما يشاءون من مطاعن قانونية أمام المحكمة الأعلى التي تنظر الطعن وملك كذلك لكل من يملك معلومات قانونية تتيح له توجيه أوجه نقد إلى الحكم وكتب الفقه القانونية مليئة بهذا النقد حتى لأحكام محكمة النقض في ذاتها وهذا إثراء للفكر القانوني ودعوة إلى تطوره والبعد عن الجمود في التفكير  فإذا عرفنا أن محكمة النقض أحيانا تعدل عن بعض الآراء التي استقرت عليها أحكامها ردها عن الزمن في تفسير بعض نصوص القانون عن طريق الهيئة العامة المكونة من أحد عشر مستشارا من كبار مستشاريها أو عن طريق الهيئتين العامتين  المجتمعتين المكونة من اثنين وعشرين مستشارا من أقدم مستشاريها في المواد المدنية والجنائية لعرفنا أن الفكر القانوني يجب أن يكون متطورا يواكب الزمن وحاجة الناس ومصالحهم المتغيرة بطبيعتها والحقيقة أن المحظور فقط هو تناول الأحكام بالنقد غير الموضوعي والقانوني والذي يتسم بالتجريح سواء لأسباب الحكم أو شخص القاضي الذي حكم خاصة إذا كان هذا بغير دليل قوى وواضح .
كما أن المحظور أيضاً الحديث عن القضايا أثناء نظرها بما يؤيد أو ينفي أحد وجهتي النظر المعروضة على المحكمة وهو ما قد يؤثر على شخص القضاء ويعبئ الرأي العام في اتجاه معين يجعل المحكمة في حرج في حالة ما إذا كانت أوراق القضية تقول غير ذلك .
إن أقرب مثال لما للقضاء من هيبة ومكانة في النفوس في العصر الحديث ما تتمتع به المحكمة العليا الأمريكية ، وهي لم تنل هذه المكانة في نفوس الناس بحكمتها واعتدالها وتراجعها عن التصدي للمشاكل الدقيقة والحساسة ، وإنما نالت ذلك كله بإقدامها ومواقفها المشهورة في الدفاع عن سيادة القانون ، وإن زوار مدينة واشنطن إذ يحجون إلى محكمتهم العليا مصطحبين معهم أطفالهم الصغار ، إنما يفعلون ذلك لعلمهم أن تلك الساحة حرم أمن  تصان فيه الحقوق والحريات وتعلو فيه كلمة القانون على كل كلمة مهما بلغت سطوتها ونفوذها.
هذا هو الدور الذي ينبغي أن يقوم به القضاء ليس في الولايات المتحدة الأمريكية فقط بل في جميع أنحاء العالم لأن احترام الناس للقضاء لا يكفي لقيامه ما تقرره النصوص القانونية من ضمانات للقضاة ، إنما العبرة أولاً وأخيراً فيه بإدراك الحكام وإدراك القضاة أنفسهم ثم إدراك الرأي العام من ورائهم جميعاً لقيمة ومعنى هذا الاحترام وضرورة صيانته حتى يتحقق للأفراد الحماية الدستورية التي لابد أن يكفلها لهم كل نظام ديمقراطي حتى يكون جديراً بهذا الاسم ، وإدراك الرأي العام لمعنى استقلال واحترام القضاء لا يكون إلا إذا وجد من قضائه مواقف يكون فيها إلى جوار الحق يدافع عنه بقوة وعزيمة لا تلين ، لأن الرأي العام لا يقنع من قضائه بمجرد الحكم بالعدل وعلى مقتضى القانون ، بل يطلب منهم أن يكون لهم مواقف إذا تعرضت الحرية للانتهاك والحقوق  للإهدار مهما كان المعتدي ، لابد أن يشعر أفراد المجتمع أنهم جميعاً يحتمون بحصن العدل و يتحصنون بقلعة القضاء وأن في هذه القلعة رجال نذروا أنفسهم لحماية الحقوق والحريات ، لا مجال مع عدلهم لطاغية أو جلاد أو أكل للحقوق عندئذ وعندئذ فقط يمكن أن يكون هناك رأي عام يقف خلف القضاة يحوطهم بحماه ويذود عنهم بكل قواه لأنه يشعر أنه يدافع عن نفسه ويفتدي حريته وماله وعرضه ، ولقد شعرنا بذلك عند صدور حكم محكمة القضاء الإداري بإلغاء قرار رئيس الجمهورية بإحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية والسرور والابتهاج الذي قابل به الشعب هذا الحكم وراحتهم واطمئنانهم أن هناك قضاء قوي قادر على حماية حريتهم ، والصدمة التي شعر بها الشعب عند قضاء المحكمة الإدارية العليا بوقف تنفيذ هذا الحكم ، لا أدعي أن الحكم الأول هو الصحيح من الناحية القانونية أو الدستورية وأن الحكم الثاني خاطئ إنما كل ما أستطيع تأكيده أن الحكم الأول تميز بجرأة في تطبيق القانون افتقدها الحكم الثاني وأن الحكم الأول سلك مسلك المحكمة العليا الأمريكية فاستحق من الناس الاحترام والتقدير وأن الحكم الثاني طبق حرفية القانون وانتهى إلى نتيجة لا يرتاح إليها ضمير الشعب فأصابه بالصدمة التي أرجو ألا تؤثر على حب الناس واحترامهم للقضاء .
هناك مثل إنجليزي تقول الترجمة العربية للمثل ( إن وضوح العدالة أهم من العدالة في ذاتها ) و معنى عبارة وضوح العدالة في هذا المثل: "إن الوضوح هنا معناه اطمئنان الناس أن الأحكام القضائية إنما تصدر من القضاة عن حيدة ونزاهة وتعمق في فهم الواقع والقانون بعيدة تماماً عن أي تأثير خارج ضمير القضاة"، وعندها أحسست بشدة مدى حاجة الخصوم إلى الاطمئنان إلى حيدة القاضي الذي يحكم في حقوقهم وأن من حقهم التشكك في هذه الحيدة إذا وجد أي مظهر خارجي يؤثر عليها ويجرح وجودها ومن هنا أقول لو أني كنت مكان دائرة المحكمة الإدارية العليا التي نظرت الطعن في حكم محكمة القضاء الإداري الصادر بإلغاء قرار رئيس الجمهورية بإحالة بعض المدنيين إلى المحاكم العسكرية لتنحيت عن نظر الطعن لعدم راحة واطمئنان الخصوم إلى حيدة هذه الدائرة للأسباب التي أبدوها والتي أيد وجودها صدور حكم وقف تنفيذ في الطعن لأن هذا المبدأ يتنافى مع وضوح العدالة وضرورة اطمئنان المتقاضي إلى قاضيه مع الوضع في الاعتبار أن هذه الأسباب لم تبد أمام محكمة القضاء الإداري رغم عدم علم المتقاضين بالحكم الذي يمكن أن يصدر منها ولكن اطمئنانهم جعلهم يقبلون هذا الحكم أياً كان نوعه لثقتهم في حيدة الدائرة التي ستصدره .
المطلب الثالث: السياسة الجنائية بالمغرب.
الفقرة الأولى: الاعتقال الاحتياطي.
الاعتقال الاحتياطي تدبير استثنائي لمبدأ قرينة البراءة.
 عدم توخي النيابات العامة التحري والتقصي وعدم استنادها إلى حجج قوية تؤدي حتما إلى الإدانة.
 خلال فترة هذا الاعتقال لا يستفيد السجناء من برامج تربوية (التطلع إلى الإفراج، يساهمون في الاكتظاظ).
الحالات التي تبين بوضوح المبالغة أحيانا في تقرير الاعتقال:
*    في غير حالات التلبس، ضرورة توفر الاعتراف، الأدلة القوية أو الخطورة على النظام أو على الأشخاص أو الأموال.
*    تباين بين النيابات العامة في تقدير ضمانات الحضور: يجب تحديد مفهومها بشكل موضوعي.
*    أخذ النيابات العامة بشهادة متهم على متهم آخر بالاستناد في ذلك على التصريحات الواردة بمحاضر الضابطة القضائية والتي لا ترقى إلى المعنى القانوني للشهادة. (غياب الحجة، القرينة، الأهلية القانونية، قرارات المجلس الأعلى).
*    بعض النيابات العامة تنطلق من الشك في المتابعة (اعتقالات في غير محلها، تصدر في شأنها أحكام بالبراءة). وكان حريا بها أن تتحرى وتستجمع الحجج وعدم التردد في حفظ المساطر لانعدام وسائل الإثبات.
 يلاحظ أيضا على مستوى التكييف المبالغة في إعماله مما ينتج عنه عدة متابعات لا تتوفر فيها العناصر التكوينية المطلوبة خاصة فيما يتعلق مثلا بتكوين عصابة إجرامية؛
نفس الإشكال يلاحظ بالنسبة لبعض القضايا المدنية التي توصف خطأ بالجرائم (جنح النصب وخيانة الأمانة وعدم تنفيذ عقد وتحقير مقرر قضائي وانتزاع حيازة عقار إلخ...)، كما أنه قد تضفي النيابات العامة أحيانا الوصف غير الصحيح على الأفعال ونسوق مثالا على ذلك جريمة التزوير في محرر رسمي (48 من قانون الالتزامات والعقود).
بخصوص تقادم الدعوى العمومية: ضرورة تخفيض مدة التقادم في جميع الجرائم، الجنايات أو الجنح أو المخالفات، ووضع شروط واضحة ومحددة لقطع أمده وتحديد المقصود من إجراءات التحقيق أو المتابعة تفاديا لتباين الاجتهادات في هذا الشأن.
لجوء النيابات العامة إلى المطالبة بإجراء التحقيق في حق أشخاص غير معروفي الهوية الكاملة، وتصدر تبعا لذلك أحكام غيابية بالإدانة تخلق إشكاليات عدة. وتطالب أيضا بإجراء تحقيق في قضايا ينعدم فيها الإثبات تماما ومن المفروض أن يكون مآلها الحفظ.
تباين في مواقف النيابات العامة بخصوص اعتقال المهاجرين السريين، فئة تقوم باعتقالهم، وفئة أخرى لا تحرك الدعوى العمومية في مواجهتهم وتتصل مباشرة بالجهات الأمنية بهدف ترحيلهم إلى بلدانهم.
وفي سياق الحديث عن الإجراءات ذات الصلة بالنيابات العامة والتي من شأن تفعيلها التقليص من مدة الاعتقال، يمكن إبداء ملاحظات في ما يخص بعض الإجراءات المواكبة لفترة الاعتقال خصوصا ما يتعلق:
·  طلبات الإدماج التي تقدم للنيابة العامة، حيث أنها تقوم أحيانا برفض إدماج العقوبات بالرغم من توفر شروط إعماله. وفي هذا الصدد يوجد اتجاهان: فريق من النيابات العامة يضم من تلقاء نفسه وفريق آخر يحيل على غرفة المشورة.
·  معالجة التباين في تطبيق مسطرة الإكراه البدني بين ما هو منصوص عليه في مدونة الجمارك ومدونة تحصيل الديون العمومية وكذا قانون المسطرة الجنائية.
وما قيل عن النيابة العامة بشأن تقرير الاعتقال في ما يخص الأخذ بتصريحات متهم على متهم آخر، والانطلاق من الشك في المتابعة، والمبالغة في التكييف والمطالبة بإجراء التحقيق في حق أشخاص غير معروفي الهوية الخ...، ونفس الشيء يصدق على قضاء التحقيق المطالب بحماية الحريات بحكم ما يمثله من ضمانة تستمد قوتها من انتمائه لقضاء الحكم.
وتأسيسا على ما سبق، أضحى من الضروري:
·   تفعيل بشان الاعتقال الاحتياطي الكفالة المالية والشخصية وكذا مسطرة الصلح (جعلها قابلة للتطبيق على جميع الجنح وبدون تحديد سقف للعقوبة).
·   ثم هناك المراقبة القضائية بإخضاع المتهم لواحد أو لأكثر من التدابير والالتزامات التي تكفل سير تطبيق الإجراءات القضائية دون اللجوء بالضرورة إلى الاعتقال الاحتياطي.        
·   الإسراع بالبت في قضايا المعتقلين الاحتياطيين واتخاذ التدابير اللازمة لتصريف قضاياهم والحرص على إنهائها في آجال معقولة مما يتعين معه التفكير في ربط الإجراءات بالآجال.
·   قيام قضاة النيابة العامة بالإقلاع نهائيا عن الطريقة التقليدية في المطالبة بتطبيق القانون أو الحكم بأقصى العقوبة، والمطالبة بعقوبات محددة والتي لا ينبغي للقاضي أن يحكم بأكثر منها.
الفقرة الثانية: تفريد العقوبة أثناء المحاكمة.
هناك العديد من التدابير الممكن تفعيلها كبديل عن العقوبة السالبة للحرية (أقل من 6 أشهر التي لا تفيد الإصلاح، الاحتكاك بالوسط السجني):
§        التوبيخ؛ التشهير بالمجرم؛ توقيف العقوبة الحبسية.
§        تفعيل الغرامة كعقوبة مالية وبديلة في معظم الجنح.
§        إعمال وتفعيل المقتضيات القانونية المتعلقة بالإبعاد أو المنع من المكوث بالتراب الوطني. 
§        إيقاف تنفيذ العقوبة وإقرانها بالقيام بخدمة لصالح المنفعة العامة.
§        القيام بعمل لصالح المتضرر.
§        إخضاع الجاني للمراقبة باعتماد الحراسة الالكترونية.
§        إيقاف النطق بالحكم والاقتصار على توجيه إنذار علني للجانح.
§        إيقاف النطق بالحكم بشروط.
§        إيقاف تنفيذ الحكم بشروط مع وضع قيود إضافية.
§        الحبس في نهاية الأسبوع أو الحبس الدور.
§        تطبيق نظام نصف الاعتقال كقضاء ساعات العمل خارج المؤسسة والباقي بالمؤسسة.
§        تطبيق نظام الاعتقال في محل السكنى خاصة بالنسبة للجناة المرضى.
بالنسبة للعقوبات الطويلة الأمد: تؤدي إلى اليأس وعدم الانخراط في البرامج فضلا عن الاكراهات الأمنية التي تسببها.
من هنا تأتي أهمية:
·        إعادة النظر في السلطة التقديرية للقاضي بتقليص الفارق بين الحد الأدنى والحد الأقصى (ملائمة شخصية وظروف الجاني)
·        التخفيف من شدة الأحكام من خلال تفعيل :
ü     سياسة التجنيح التي لطالما تم الحث عليها بالنسبة للجنايات التي يكون الضرر الناتج عنها بسيطا.
ü     نسبة من الأحكام الجنحية التي تصدر غيابيا تصدر بعقوبات سالبة للحرية كعقاب على عدم الحضور ليس إلا.
الأخذ بعين الاعتبار في تفعيل المقتضيات السالف ذكرها الحالات الإنسانية (معاقين، مرضى، مسنون...).
الفقرة الثالثة: تفريد العقوبة على مستوى التنفيذ.
هذا التفريد يتيح التقليص من مدة العقوبات، إذكاء الأمل في نفوس المحكومين، دعم فرص الاندماج.
ويمكن في هذا الصدد تفعيل :
* الإفراج المقيد بشروط: فرصة لمراجعة الذات، الانضباط داخل السجن وبعد الإفراج:
ü     يجب مراجعة الطريقة التي يتم من خلالها معالجة الملفات المتعلقة به باعتماد السرعة في الإنجاز.
ü     مراجعة المقتضيات التشريعية المتعلقة به وجعلها أكثر مرونة (إثبات الوسائل الشخصية للعيش، تخفيض العقوبة الواجب تنفيذها للاستفادة منه إلى النصف بالنسبة للجنح والجنايات على السواء).
التخفيض التلقائي للعقوبة: يستفيد منه كل من أبان عن حسن سلوكه، يقلص من عدد المعتقلين ومن مدة الاعتقال، عامل أساسي في نشر الاطمئنان والسكينة.
* إسناد مهام جديدة لقاضي تطبيق العقوبات تنسجم ومبدأ التفريد بتمكينه من اتخاذ قرارات ذات صبغة قضائية بإدخاله لتغييرات على المقررات القضائية من خلال إصدار أوامر لتنفيذ بعض الإجراءات البديلة للعقوبة السالبة للحرية والإشراف على قانون تخفيض العقوبة.
مراجعة طريقة عمل لجنة العفو (السرعة والمرونة لتوسيع دائرة المستفيدين).
توسيع دائرة المستفيدين من مقتضيات الفصل 53 من القانون الجنائي بتعديل هذا الفصل ليشمل المحكوم عليه من أجل جناية.
الفقرة الرابعة: سياسة الإصلاح و إعادة الإدماج.
إذا كانت ملائمة السياسة العقابية الحالية لسياسة الإصلاح القائمة الرامية إلى إعادة إدماج السجين بعد الإفراج تعد أولوية وضرورة ملحة في الظرف الراهن، فإن ما لا يجب إغفاله هو أن الاهتمام بالمؤسسات السجنية وتمكينها من المؤهلات المادية والبشرية اللازمة للاضطلاع بالدور الإصلاحي والتربوي على الوجه المطلوب، لا يقل أهمية وأولوية في سبيل إنجاح السياسة العقابية.
وفي هذا الصدد لابد من الإشارة إلى الجهود المتواصلة التي تروم اضطلاع المؤسسات السجنية بالدور الأمني والتربوي و التأهيلي على الوجه الأكمل، بالرغم من محدودية الإمكانيات المادية والبشرية المتوفرة، وتوسيع دائرة المستفيدين من البرامج التربوية و التأهيلية، وتوفير أقسام للدارسة بعدد من المؤسسات السجنية ومراكز بيداغوجية بمختلف الشعب بشراكة مع مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، كما تم إبرام عدة اتفاقيات مع الجهات الحكومية المعنية خاصة في مجال التعليم والفلاحة وخلق شعب للتكوين المهني في مجالات عدة، كالفلاحة والكهرباء والإعلاميات والترصيص والنجارة والخياطة وغيرها من الشعب، كما يتم تنظيم أنشطة رياضية وثقافية موازية بمساهمة بعض القطاعات الحكومية وغير الحكومية.
وتجسيدا لهذه الأهداف بادرت الوزارة بشراكة مع مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء إلى إحداث وحدة للرعاية اللاحقة:
* لبنة أولى في انتظار إحداث وحدات مماثلة بمناطق أخرى علما أنها لازالت في بدايتها؛
* تحتاج إلى مزيد من الدعم ليتسنى لها النهوض بما أنيط بها من مهام بشكل فعال وملموس؛
* تسعى هذه الوحدة إلى رسم الخطط الكفيلة بمساعدة السجناء المفرج عنهم وخاصة الأحداث منهم والى تقديم مقترحات عملية  لتطوير العمل التربوي الذي يضمن إصلاح السجناء وتأهيلهم؛
 * الأمل معقود لتضافر الجهود ومساهمة جميع القطاعات المعنية لكي تنهض هذه الوحدة بالدور الذي نتطلع إليه خدمة للاندماج الحقيقي والفعال الذي هو الهدف الأساسي لكل سياسة إصلاحية.
إن تحديث الوضع العقابي القائم و ملاءمته لأهداف الإصلاح المتوخاة، يؤسس لمقومات الإصلاح القضائي الذي يعد ابرز التحديات باعتبار القضاء أداة مؤسساتية مهمتها حماية الحقوق والحريات.
ولاغرو في أن تنظيم هذه الندوة العلمية حول موضوع "السياسة الجنائية بالمغرب، واقع وآفاق" يكرس نقلة نوعية في تعامل القضاء وأجهزة العدالة الجنائية الأخرى مع ظاهرة الجريمة، كما يجسد رؤية موضوعية تنطلق من تشخيص الوضعية وتحليل المعطيات الإحصائية على نحو يحقق إصلاحا جوهريا لمجموعة القانون الجنائي الحالي ويكفل اضطلاع القضاء بدوره الحمائي والتنموي.
المبحث الثاني: دور القضاء الإداري في حماية حقوق و حريات
                     الأفراد.
المطلب الأول: القضاء والرقابة على أعمال الإدارة.
الفقرة الأولى: صور الرقابة القضائية على أعمال الإدارة.
أولا: نظام القضاء الموحد.
يسود هذا النظام في انكلترا والولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأخرى، ومقتضاه أن تختص جهة قضائية واحده بالنظر في جميع المنازعات التي تنشأ بين الأفراد أنفسهم أو بينهم وبين الإدارة  أو بين الهيئات الإدارية ذاتها.
وهذا النظام يتميز بأنه أكثر اتفاقاً مع مبدأ المشروعية إذ يخضع الأفراد والإدارة إلى قانون واحد مما لا يسمح بمنح الإدارة أي امتيازات في مواجهة الأفراد[11]. بالإضافة إلى اليسر في إجراءات التقاضي إذا ما قورنت بأسلوب توزيع الاختصاصات القضائية بين القضاء العادي والإداري في نظام القضاء المزدوج.
ومع ذلك فقد وجه النقد إلى هذا النظام من حيث انه يقضي على الاستقلال الواجب توفره للإدارة بتوجيه الأوامر إليها مما يعيق أدائها لأعمالها، مما يدفع الإدارة إلى استصدار التشريعات التي تمنع الطعن في قراراتها ,ولا يخفى ما لهذا من أضرار بحقوق الأفراد وحرياتهم .
ومن جانب أخر فأن نظام القضاء الموحد يؤدي إلى تقرير مبدأ المسؤولية الشخصية للموظفين مما يدفع إلى الخشية من أداء عملهم بالوجه المطلوب خوفاً من المساءلة، وإذا ما قرر القضاء تضمين الموظفين بناء على هذا المبدأ فانه يحرم المضرورين من اقتضاء التعويض المناسب لضعف إمكانية الموظف المالية غالباً[12].
ثانياً: نظام القضاء المزدوج.
يقوم هذا النظام على أساس وجود جهتين قضائيتين مستقلتين، جهة القضاء العادي وتختص بالفصل في المنازعات التي تنشأ بين الأفراد أو بينهم وبين الإدارة عندما تتصرف كشخص من أشخاص القانون الخاص، ويطبق القضاء على هذا النزاع أحكام القانون الخاص.
وجهة القضاء الإداري تختص بالفصل في المنازعات التي تنشئ بين الأفراد والإدارة عندما تظهر الأخيرة بصفتها صاحبة السلطة وتتمتع بامتيازات لا يتمتع بها الأفراد ويطبق القضاء الإداري على المنازعة قواعد القانون العام.
وتعد فرنسا مهد القضاء الإداري ومنها انتشر هذا النظام في الكثير من الدول كاليونان ومصر والعراق , لما يتمتع به من خصائص مهمة، فالقضاء الإداري قضاء إنشائي يسهم في خلق قواعد القانون العام المتميزة عن القواعد العادية في ظل القانون الخاص والتي يمكن من خلالها تحقيق المصلحة العامة وحماية حقوق الأفراد وحرياتهم.
الفقرة الثانية: أهمية وجود القضاء الإداري

أولا: ظهور القضاء الإداري.

تعد فرنسا مهد القضاء الإداري ومنها انتشر إلى الدول الأخرى وكان ظهور هذا النظام نتيجة للأفكار التي جاءت بها الثورة الفرنسية عام 1789 التي تقوم على أساس مبدأ الفصل بين السلطات ومن مقتضياته منع المحاكم القضائية التي كانت قائمة في ذلك الوقت من الفصل في المنازعات الإدارية للحفاظ على استقلال الإدارة تجاه السلطة القضائية.
وتأكيداً لهذا الاتجاه اصدر رجال الثورة الفرنسية قانون 16-24 آب عام 1790 نص على إلغاء المحاكم القضائية التي كانت تسمى بالبرلمانات وانشأ ما يسمى بالإدارة القاضية أو الوزير القاضي كمرحلة أولى قبل إنشاء مجلس الدولة الفرنسي . وفي هذه المرحلة كان على الأفراد اللجوء إلى الإدارة نفسها للتظلم إليها وتقديم الشكوى، فكانت الإدارة هي الخصم والحكم في الوقت ذاته، وكان هذا الأمر مقبولاً إلى حد ما في ذلك الوقت بسبب السمعة السيئة لقضاء ((البرلمانات)) التعسفية .
وبنشوء مجلس الدولة في 12 / 12 / 1799 في عهد نابليون وضعت اللبنة الأولى للقضاء الإداري الفرنسي وكان اختصاصه استشارياً أول الأمر، وبتاريخ 24 / 5 / 1872 منح المجلس اختصاصاً قضائياً باتاً.
ومنذ ذلك الوقت تمتع القضاء الإداري بالكثير من الاستقلال والخصوصية تناسب وظيفته في الفصل بالمنازعات الإدارية وإنشاء قواعد القانون الإداري المتميزة أصلا عن قواعد القانون الخاص . ومن فرنسا انتشر النظام القضائي المزدوج في كثير من الدول ومنها مصر في عام 1946 والعراق عام 1989.

ثانياً: خصوصية القضاء الإداري.

إن وجود قضاء متخصص يمارس الرقابة على أعمال الإدارة يمثل ضمانة حقيقية لحقوق وحريات الأفراد في مواجهة تعسف الإدارة ويؤدي بالإدارة إلى التأني والحذر في تصرفاتها لتتأكد من مطابقتها للقانون , وقد حمل القضاء الإداري على كاهله هذه المهمة، وتتجلى أهمية وجود قضاء إداري متخصص للفصل في المنازعات الإدارية من نواح متعددة نظرية وعملية.
1- من النواحي النظرية:
    أ- إن رقابة القضاء الإداري على أعمال الإدارة تعتبر الجزاء الأكيد لمبدأ الشرعية، والضمانة الفعالة لسلامة وتطبيقه و التزام حدود أحكامه، و به تكتمل عناصر الدولة القانونية وحماية حقوق وحريات الأفراد من جور وتعسف الإدارة.
    ب- تحقق رقابة القضاء على أعمال الإدارة ثباتاً واستقراراً في النظام القانوني للدولة والأوضاع الإدارية[13]. فهذا القضاء يتمتع بالخبرة والفاعلية في فض المنازعات التي تنشأ بين الإدارة والأفراد، وهو مجال لا يجوز تركه للقضاء المدني[14].
    فإذا كان القضاء العادي يمارس شكل من أشكال الرقابة في الحدود التي يفرضها القانون وله الولاية في الفصل في المنازعات بين الإدارة والأفراد في بعض الدول وخاصة الانكلوسكونية منها فان رقابة القضاء الإداري على أعمال الإدارة تحقق التوازن بين المصلحة العامة والخاصة وهي مهمة تتطلب الإلمام بالقانون الإداري وطبيعة المنازعة الإدارية والقدرة على التمييز بين علاقات القانون الخاص وعلاقات القانون العام. وهو ما جعل للقانون العام النمو المتزايد يوماً بعد يوم حتى أصبحت معظم موضوعاته مستقلة تمام الاستقلال عن القانون الخاص[15].
    ج- تتميز أحكام القضاء العادي بأنها ذات حجة نسبية تقتصر على أطراف النزاع وموضوعه ولهذا تحدد قيمتها بوصفها مصدراً تفسيرياً على النقيض من أحكام القضاء الإداري التي تتميز بكونها حجة على الكافة.  
2- من النواحي العملية:
أ‌-       يمثل القضاء الإداري الجانب العملي والتطبيقي للقانون الإداري الذي تعد دراسته مجالاً خصباً وميداناً فسيحاً للصراع المتطور بين السلطة والحرية، والمعركة الخالدة بين المصلحة العامة وحقوق الفرد وتبعا لذلك تزداد الأهمية العملية لوجود القضاة المتخصصين في المنازعات الإدارية خاصة بعد ازدياد تدخل الدول في كل الميادين التقليدية للنشاط الفردي ومضاعفة واتساع المرافق العامة، وتشعب وتنوع وظائفها وتعقد روابط السلطة العامة بالجمهور، فتضاعفت كنتيجة حتمية لكل ذلك فرص الاحتكاك بين الإدارة والأفراد[16].
    ب- اختلاف مراكز الخصوم في الدعوى الإدارية عنها في الدعوى المدنية، الأمر الذي يتطلب من القاضي في الأولى أن يكون أداة دقيقة لإعادة ميزان العدل في حكم علاقة الأفراد بالدولة، فيسد عن كل طرف عجزه ويكمل وجهة النقص فيه[17].
فالقاضي الإداري له وضع خاص ومتميز في مواجهة القانون والإدارة والأفراد، وهو ما يتطلب أو يستلزم تخصصه في الفصل في الدعاوى الإدارية واستقلاله عن جهة القضاء العادي، وإعداده الإعداد القانوني الجيد حتى يقوم بالدور المهم الذي يوكل إليه[18].

ثالثاً: ولاية القضاء الإداري على أعمال الإدارة.

كلما تعددت حاجات الناس وتشعبت كلما زاد تدخل الإدارة أو الدولة في تنظيم أمور المجتمع، وعندما يزداد تدخلها يتضخم جهازها وإدارتها، بل ويصبح أكثر اتصالاً بأمور الناس، وابعد تأثيراً في حياتهم العامة والخاصة[19]. وكل ذلك يستدعي وجود قضاء إداري يتمتع بولاية الفصل في المنازعات الإدارية.
وقد درج المشرع في مختلف الدول على منح القضاء الإداري ولاية النظر في الطلبات التي يقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية والتعويض عنها، بالإضافة إلى نظر المنازعات الخاصة بالعقود الإدارية والجنسية وغيرها من المنازعات ذات الطبيعة الإدارية.
وقد اتبع العراق أسلوبا متميزاً في تنظيمه للرقابة على أعمال الإدارة بإنشاء مجلس الانضباط العام ومحكمة القضاء الإداري.
يختص مجلس الانضباط العام بنوعين من المنازعات الإدارية الأول هو النظر في الطعون المقدمة ضد العقوبات التأديبية وفقاً لقانون انضباط موظفي الدولة والقطاع الاشتراكي رقم 14 لسنة 1991 أما الاختصاص الثاني فيتعلق بالنظر في دعاوى الموظفين الناشئة عن حقوق الخدمة المدنية والتي يحكمها قانون الخدمة المدنية رقم 24 لسنة 1960 المعدل والأنظمة الصادرة بمقتضاه.
أما الهيئة القضائية الأخرى وهي محكمة القضاء الإداري والتي تم إنشائها بصدور القانون رقم 106 لسنة 1989 قانون التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة رقم 65 لسنة 1979 فتختص بالنظر في صحة الأوامر والقرارات الإدارية التي تصدر عن الموظفين والهيئات في دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي التي لم يعين مرجع للطعن فيها والتعويض عنها إذا ما رفع طلب التعويض تبعاً لطلب الإلغاء[20].
وقد ورد في المادة السابعة / ثانياً من القانون أعلاه: "هـو يعتبر من أسباب الطعن بوجه خاص ما يأتي:  
1.     أن يتضمن الأمر أو القرار خرقاً أو مخالفة للقانون أو الأنظمة أو التعليمات.
2.     أن يكون الأمر أو القرار قد صدر خلافاً لقواعد الاختصاص أو معيباً في شكله.
3.     أن يتضمن الأمر أو القرار خطأ في تطبيق القوانين أو الأنظمة أو التعليمات أو في تفسيرها أو فيه إساءة أو تعسف في استعمال السلطة ويعتبر في حكم القرارات أو الأوامر التي يجوز الطعن فيها رفض أو امتناع الموظف أو الهيئات في دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي عن اتخاذ قرار أو أمر كان من الواجب عليها اتخاذه قانوناً".
  ما يخرج عن ولاية القضاء الإداري:
أخرج المشرع من اختصاصات محكمة القضاء الإداري الطعون في القرارات الآتية:
1.     أعمال السيادة واعتبر من أعمال السيادة المراسيم والقرارات التي يصدرها رئيس الجمهورية.
2.     القرارات الإدارية التي تتخذ تنفيذاً لتوجيهات رئيس الجمهورية وفقاً لصلاحياته الدستورية.
3.     القرارات الإدارية التي رسم القانون طريقاً للتظلم منها أو الاعتراض عليها أو الطعن فيها.
وفي ضوء ذلك يتبين أن اختصاصات المحكمة محدودة جداً فهي علاوة على حصر اختصاصها بالنظر في صحة الأوامر والقرارات الإدارية دون النظر في المنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية، ومن المعروف أن منازعات العقود الإدارية من صميم اختصاص القضاء الإداري في كثير من الدول التي تأخذ بنظام القضاء المزدوج، نجد أن المشرع قد استثنى العديد من القرارات الإدارية من قبيل المراسيم والقرارات الصادرة من رئيس الجمهورية والتي اعتبرها من أعمال السيادة. وهو أمر يتنافى مع مبدأ المشروعية وضرورة خضوع الإدارة للقانون ويفتح المجال أمام تعسفها وانتهاك حقوق الأفراد وحرياتهم. كما أن المتتبع لطبيعة النظام القانوني العراقي يجد انه زاخر بالنصوص التي ترسم طريقاً للتظلم من القرارات الصادرة من بعض الجهات الإدارية أمام الإدارة نفسها أو أمام لجان إدارية أو شبه قضائية وان استثناء المادة السابعة من قانون مجلس شورى الدولة هذا النوع من القرارات من ولاية محكمة القضاء الإداري يقضي على ضمانة مهمة من ضمانات التقاضي ويحرم الأفراد من الاستفادة من قضاء مستقل متخصص بالمنازعات الإدارية.
المطلب الثاني: نشاط الإدارة العامة في مواجهة الأفراد.
الفقرة الأولى: ماهية وأغراض الضبط الإداري.

أولا: التعريف بالضبط الإداري.

يقصد بالضبط الإداري بمعناه العام مجموعة من الإجراءات والأوامر والقرارات التي تتخذها السلطة المختصة للمحافظة على النظام العام بمدلولاته الثلاثة ((الأمن – الصحة – السكينة)).
ويلاحظ أن المشرع سواء في فرنسا أو مصر أو في العراق لم يضع تعريفاً محدداً للضبط الإداري، وإنما اكتفى بتحديد أغراضه، وترك تعريفه للفقه والقضاء.
وفي هذا المجال يعرف De laubadere الضبط الإداري بأنه" مظهر من مظاهر عمل الإدارة يتمثل في تنظيم حريات الأفراد حماية للنظام العام"[21].
بينما يتجه الفقهاء العرب ومنهم الدكتور طعيمة الجرف إلى تعريفه بأنه "وظيفة من أهم وظائف الإدارة تتمثل أصلا في المحافظة على النظام العام بعناصره الثلاثة الأمن العام والصحة العامة والسكينة العامة عن طريق إصدار القرارات اللائحية والفردية واستخدام القوة المادية مع ما يتبع ذلك من فرض قيود على الحريات الفردية تستلزمها الحياة الاجتماعية"[22]. بينما يعرفه الدكتور صبيح بشير مسكوني بأنه "مظهر من مظاهر نشاط الإدارة العامة يراد به ممارسة هيئات إدارية معينة اختصاصات فرض قيود على حريات الأفراد وحماية النظام العام"[23].
وأياً كان الأمر فان الضبط الإداري نظام وقائي تتولى فيه الإدارة حماية المجتمع من كل ما يمكن أن يخل بأمنه وسلامته وصحة أفراده وسكينتهم، ويتعلق بتقييد حريات وحقوق الأفراد بهدف حماية النظام العام في الدولة.
ويتميز الضبط الإداري عن الضبط التشريعي الذي يلجأ المشرع فيه إلى إصدار القوانين التي  تقيد حريات الأفراد وحقوقهم حفاظاً على النظام العام والضبط القضائي الذي يتضمن الإجراءات التي تتخذها السلطة القضائية للتحري عن الجرائم بعد وقوعها والبحث عن مرتكبيها للقبض عليهم وجمع الأدلة اللازمة للتحقيق معهم ومحاكمتهم.
فالضبط الإداري يصدر من جانب الإدارة في شكل قرارات تنظيمية أو فردية يترتب عليها تقييد حريات الأفراد وهو وان كان يصدر في إطار القوانين والتشريعات وتنفيذا لها، غير أن ذلك لا يمنع الإدارة من اتخاذ إجراءات مستقلة تتضمن قيوداً على الحريات الفردية بواسطة ما تصدره من لوائح الضبط[24].

ثانياً: أنواع الضبط الإداري.

يطلق مصطلح الضبط الإداري ويقصد به معنيان: الضبط الإداري العام والضبط الإداري الخاص.
يقصد بالضبط الإداري العام المحافظة على النظام العام بعناصره الثلاثة الأمن والصحة والسكينة العامة، وحماية جميع الأفراد في المجتمع من خطر انتهاكه والإخلال به.
أما الضبط الإداري الخاص فيقصد به حماية النظام العام من زاوية أو ناحية معينة من نشاط الأفراد من ذلك القرارات الصادرة بتنظيم نشاط صيد الحيوانات النادرة، وتنظيم عمل بعض المحلات العامة المضرة بالصحة أو المقلقة للراحة، أو في أماكن محددة، حيث يعهد  بتولي سلطة الضبط في هذه الأماكن إلى سلطة إدارية معينة، كأن يعهد إلى شرطة الآثار بمهمة المحافظة على النظام في الأماكن الأثرية.
ومن ثم فان الضبط الإداري الخاص قد يستهدف أغراضا أخرى بخلاف أغراض الضبط الإداري العام التقليدية، إذ يمكن أن يفرض القيود التي يراها لتحقيق أهداف أو أغراض أخرى خلاف النظام العام كالقيود التي تفرض على الأفراد لحماية الآثار أو تنظيم السياحة وتجميل المدن. 

ثالثاً: أغراض الضبط الإداري.

بينا أن الهدف من الضبط الإداري هو حماية النظام العام ومنع انتهاكه والإخلال به، وتمارس الإدارة سلطة الضبط الإداري متى وجدت ذلك ضرورياً ولو لم ينص القانون على إجراء معين لمواجهة هذه الانتهاك أو الإخلال.
وفكرة النظام العام فكرة مرنة تختلف باختلاف الزمان والمكان، غير أن معظم الفقهاء يتفقون على أن النظام العام يهدف إلى تحقيق ثلاثة أغراض رئيسية هي: الأمن العام والصحة العامة والسكينة العامة.
1.     الأمن العام: ويقصد به تحقيق كل ما من شأنه اطمئنان الإنسان على نفسه وماله من خطر الاعتداءات والانتهاكات واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع وقوع الكوارث الطبيعية كالحوادث والأخطار العامة كالحرائق والفيضانات والسيول، والانتهاكات التي قد يتسبب بها الإنسان كجرائم القتل والسرقة والمظاهرات وإحداث الشغب وحوادث المرور.
2.     الصحة العامة: ويقصد بها حماية صحة الأفراد من كل ما من شأنه أن يضر بها من أمراض أو أوبئة إذ تعمد الإدارة إلى تطعيم الأفراد من الأمراض المعدية وتتخذ الإجراءات التي تمنع انتشارها. كما تشرف على توفير المياه الصالحة للشرب وتراقب صلاحية الأغذية.
3.     السكينة العامة: ويقصد بها توفير الهدوء في الطرق والأماكن العامة ومنع كل ما من شأنه أن يقلق راحة الأفراد أو يزعجهم كالأصوات والضوضاء المنبعثة من مكبرات الصوت والباعة المتجولين ومحلات التسجيل ومنبهات المركبات .
ومن الجدير بالذكر أن مفهوم النظام العام قد اتسع ليشمل النظام العام الأدبي والأخلاق العامة، وأمكن بالتالي استعمال سلطة الضبط الإداري للمحافظة على الآداب والأخلاق العامة، فتجاوز بذلك العناصر الثلاثة السابقة، وفي هذا الاتجاه تملك الإدارة منع عرض المطبوعات المخلة بالآداب العامة وكذلك حماية المظهر العام للمدن وحماية الفن والثقافة.
الفقرة الثانية: وسائل الإدارة في تقييد الحريات.
أولا: أنظمة الضبط الإداري.
تتضمن  هذه الأنظمة   قواعد عامة مجرده تهدف إلى المحافظة على النظام العام بعناصره الثلاثة، وتتضمن تقييد حريات الأفراد، لذلك نشأ خلاف شديد حول مدى مشروعيتها، على اعتبار أن تقييد الحريات لا يجوز إلا بقانون ووظيفة الإدارة تنحصر بوضع هذه القوانين موضوع التنفيذ.
غير أن الاتجاه السليم في القضاء والفقه يعترف للإدارة بتنفيذ هذه القوانين وتكميلها، وقد تقضى هذه التكملة كما يذهب الدكتور "سامي جمال الدين" إلى تقييد بعض الحريات[25].
ومن ثم تعد لوائح أو أنظمة الضبط أهم أساليب الضبط الإداري وأقدرها في حماية النظام العام، ومنها لوائح تنظيم المرور وتنظيم العمل في المحال العامة، وتتخذ عدة مظاهر في تقييدها النشاط الأفراد منها الحظر، والإذن المسبق والإخطار والتنظيم.
1-     الحظر: يقصد بالحظر أن تتضمن لوائح أو أنظمة الضبط منع مزاولة نشاط معين منعاً كاملاً أو جزئياً.
والأصل أن لا يتم الحظر المطلق لنشاط ما لأن ذلك يعني انتهاك للحرية ومصادرة للنشاط. ولكن أجاز القضاء استثناء الحظر الكامل للنشاط عندما يشكل إخلالاً بالنظام العام كمنع إنشاء مساكن للبغاء أو للعب الميسر.
2-     الإذن المسبق: قد تظهر أنظمة الضبط في ضرورة الحصول على أذن مسبق من جهة الإدارة قبل مزاولة النشاط , ومن الضروري أن يشترط القانون المنظم للحرية الحصول على هذا الإذن , إذا أن القانون وحدة يملك تقيد النشاط الفردي بإذن سابق وعكس هذا يسمح بالتمييز بين الأفراد.
3-     الأخطار عن النشاط: ويحصل بان تشترط اللائحة أو النظام ضرورة أخطار السلطة المختصة بمزاولة نشاط معين حتى تتمكن من اتخاذ ما يلزم من إجراءات تكفل حماية النظام العام. مثال ذلك الإخطار عن تنظيم اجتماع عام. ففي هذه الحالة لا يكون الاجتماع محظوراً وليس من الضروري الحصول على إذن مسبق.
4-     تنظيم النشاط: قد لا تتضمن أنظمة الضبط على حظر نشاط معين أو اشتراط الحصول على إذن مسبق أو الإخطار عنه. و إنما قد تكتفي بتنظيم النشاط الفردي وكيفية ممارسته كما لو تم تحديد سرعة المركبات في الطرق العامة أو تحديد أماكن وقوفها.
ثانياً: أوامر الضبط الإداري الفردية.
قد تلجأ  الإدارة إلى إصدار قرارات إدارية أو أوامر فردية لتطبق على فرد أو أفراد معينين بذواتهم. وقد تتضمن هذه القرارات أوامر بالقيام بأعمال معينة أو نواهي بالامتناع عن أعمال أخرى. مثال ذالك الأوامر الصادرة بمنع عقد اجتماع عام أو الأمر الصادر بهدم منزل آيل للسقوط أو القرار الصادر بمصادرة كتاب أو صحيفة معينة. والأصل أنه يجب أن تستند هذه القرارات إلى القوانين واللوائح ( الأنظمة )  فتكون تنفيذاً لها. إلا انه استثناء من ذالك قد تصدر القرارات الإدارية دون أن تكون مستندة إلى قانون أو لائحة تنظيمية عامة. فاللائحة أو التشريع لا يمكن أن ينصا على جميع التوقعات أو التنبؤات التي قد تحث. كما أن مفهوم النظام العام متغير، فإذا ظهر تهديداً أو إخلال لم يكن التشريع أو اللائحة قد توقعاه فان طلب أن يكون القرار الفردي مستندا إلى قاعدة تنظيمية يؤدي إلى تجريد سلطة الضبط من فاعليتها[26].

ثالثا: التنفيذ الجبري.

قد تستخدم الإدارة القوة المادية لإجبار الفرد على تنفيذ القوانين واللوائح والقرارات الإدارية لمنع الإخلال بالنظام العام، وتعد هذه الوسيلة أكثر وسائل الضبط شدة وعنفا باعتبارها تستخدم القوة الجبرية ولا يخفى ما لذلك من خطورة على حقوق الأفراد وحرياتهم.
ويعد التنفيذ الجبري لقرارات الضبط الإداري احد تطبيقات نظرية التنفيذ المباشر للقرارات الإدارية، واستنادا لذلك لا يتم الحصول على إذن سابق من السلطات القضائية لتنفيذه، إلا انه يجب أن تتوافر فيه ذات شروط التنفيذ المباشر.
ومن الحالات التي يمكن فيها اللجوء إلى التنفيذ الجبري أن يبيح القانون أو اللوائح استعمال هذا الحق، أو يرفض الأفراد تنفيذ القوانين واللوائح ولا يوجد أسلوب أخر لحمل الأفراد على احترام القوانين واللوائح غير التنفيذ الجبري، كما يتم اللجوء إلى هذا الأسلوب في حالة الضرورة[27].
ويشترط في جميع الحالات أن يكون استخدام القوة المادية متناسبا مع جسامة الخطر الذي من الممكن أن يتعرض له النظام العام.
ويجب التنويه أخيرا بان استخدام القوة المادية لا يعني حتما مجازاة الأفراد عن أفعال جرمية ارتكبوها، وإنما يقصد بالقوة المادية تلك القوة المستخدمة لمنع وقوع أي إخلال بالنظام العام بعناصره الثلاثة[28].
المطلب الثالث: رقابة القضاء الإداري على سلطات الضبط الإداري.
الفقرة الأولى: رقابة القضاء في الظروف العادية.

أولا: الرقابة على الهدف.

يجب أن تتقيد الإدارة بالهدف الذي من اجله قرر المشرع منح هيئات الضبط هذه السلطات، فليس للإدارة تخطي هذا الهدف سواء كان عاما أم خاصا، فإذا استخدمت سلطتها في تحقيق أغراض بعيده عن حماية النظام العام. أو سعت إلى تحقيق مصلحة عامة لا تدخل ضمن أغراض الضبط التي قصدها المشرع فان ذلك يعد انحرافا بالسلطة ويخضع قرار الإدارة لرقابة القضاء المختص.

ثانيا: الرقابة على السبب.

يقصد بسبب الضبط الإداري الظروف الخارجية التي دفعت الإدارة إلى التدخل وإصدار قرارها، ولا يعد تدخل الإدارة مشروعا إلا إذا كان مبنيا على أسباب صحيحة وجدية من شانها أن تخل بالنظام العام بعناصره الثلاثة الأمن العام والصحة العامة والسكنية العامة. وقد بسط القضاء الإداري رقابته على سبب قرار الضبط مثلما هو الحال في  القرارات الإدارية الأخرى وكما استقر عليه القضاء في فرنسا ومصر والعراق.

ثالثا: الرقابة على الوسائل.

يجب أن تكون الوسائل التي استخدمتها سلطات وهيئات الضبط الإداري مشروعه، ومن القيود التي استقر القضاء على ضرورة أتباعها في استخدام الإدارة لوسائل الضبط الإداري انه لا يجوز أن يترتب على استعمال هذه الوسائل تعطيل الحريات العامة بشكل مطلق لان ذلك يعد إلغاء لهذه الحريات، فالحفاظ على النظام العام لا يستلزم غالبا هذا الإلغاء وإنما يكتفي بتقييدها. ومن ثم يجب أن يكون الحظر نسبيا، أي أن يكون قاصرا على زمان أو مكان معينين. وعلى ذلك تكون القرارات الإدارية التي تصدرها سلطة الضبط الإداري بمنع ممارسة نشاط عام منعا عاما ومطلقا غير مشروعة[29].
 رابعا: رقابة الملائمة.
لا يكفي أن يكون قرار الضبط الإداري جائزا قانونا أو أنه قد صدر بناء على أسباب جدية، إنما تتسع رقابة القضاء لبحث مدى اختيار الإدارة الوسيلة الملائمة للتدخل، فيجب أن لا تلجأ إلى استخدام وسائل قاسية أو لا تتلاءم مع خطورة الظروف التي صدر فيها.
 ومن الضروري أن نبين أن سلطة القضاء في الرقابة على الملائمة هي استثناء على القاعدة العامة في الرقابة على أعمال الإدارة فالأصل هو استقلال الإدارة في تقدير ملائمة قراراتها، لكن بالنظر لخطورة قرارات الضبط على الحقوق والحريات فان القضاء يبسط رقابته على الملائمة[30].
 وفي هذا المجال لا يجوز مثلا لرجال الأمن أن يستخدموا إطلاق النار لتفريق تظاهرة في الوقت الذي كان استخدام الغاز المسيل للدموع أو خراطيم المياه كافيا لتحقيق هذا الغرض.
الخاتمة:
لقد أكدت كافة المواثيق الدولية لحقوق الإنسان حق الإنسان في العمل، باعتباره من الحقوق الأصيلة والثابتة والوثيقة الصلة بالحق في الحياة والتنمية، واحد أهم روافدها، كون هذا الحق يساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما يساهم في بناء الشخصية الإنسانية، وإعلاء ذاتية الفرد، وينعكس بالنتيجة على تقدم الجماعة وإشباع احتياجاتها، ولأهمية هذا الحق فقد تطرقت له العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان بشكل عام والحقوق العمالية بشكل خاص.
وتكررت تلك الأهمية على الصعيد الإقليمي ،وحسبنا أن نذكر في هذا الصدد ما ورد في دستور منظمة العمل العربية الذي ورد فيه (...العمل ليس سلعة وان من حقوق القوي العاملة في الوطن العربي أن تعمل في ظروف وشروط ملائمة تتفق مع كرامة الوطن العربي... وان لكل مواطن قادر الحق في العمل المنتج الذي يمكنه من كسب عيشه وان يحيا حياة كريمة وعلى الدولة تهيئة فرص العمل عن طريق توجيه خطط التنمية نحو تحقيق ذلك الهدف بحيث تكون زيادة الإنتاج مقترنة بزيادة فرص العمل بالقدر الذي يكفل حق العمل لجميع المواطنين...)
وعلى الصعيد الوطني لم يشذ – المغرب – عن هذه القاعدة من حيث النص على الحقوق العمالية في صلب الدستور وإقرار العديد من القوانين العصرية والمصادقة على العديد من الاتفاقيات والمواثيق التي تكفل حقوق العامل.
وقد تمت ترجمة ذلك عمليا في المغرب من خلال عدة آليات ووسائل ولعل من أهمها الآليات والوسائل القضائية الهادفة إلى حماية حقوق العمال .
ولكون القضاء هو الحارس الطبيعي للحقوق والحريات ومنها حق الفرد في العمل فقد كان للقضاء المغربي دور هام في هذا المجال هذا الدور الذي يمكن إيجازه بما يلي:
*    يكفل القضاء للإفراد الحق في التقاضي بشكل عام الأمر الذي ينسحب على الحقوق العمالية.
*    إن القضاء هو السبيل الوحيد لتحقيق مبدأ سيادة القانون من اجل ضمان ممارسة الحقوق والحريات الأساسية في العمل وذلك من خلال سلامة تطبيق النصوص المتعلقة بالحقوق الأساسية في العمل.
*    تقبل المحاكم الدعاوي والمطالبات العمالية مجانا وبدون دفع أية رسوم ويشمل ذلك كافة مراحل الدعوي العمالية بما في ذلك تنفيذ الحكم.
*    تخصيص هيئات قضائية للنظر في القضايا العمالية لغايات ضمان سرعة الفصل فيها وخصوصا في المحاكم التي تقع ضمن دائرة المدن الكبرى.
*    صدور العديد من الاجتهادات القضائية لمحكمة التمييز الموقرة التي كرست من خلالها الحق في العمل كحق أصيل ثابت.
*    صدور العديد من القرارات عن المحكمة العمالية بما يضمن حقوق كافة الأطراف .
*    إعطاء النزاع العمالي الذي يحال إلى المحكمة العمالية صفة الاستعجال بحيث يتم مباشرة النظر في النزاع خلال مدة لا تزيد على سبعة أيام على أن يصدر القرار خلال ثلاثين يوما.
*    استقرار الاجتهاد القضائي على بطلان أي شرط في عقد أو اتفاق يتنازل العامل بموجبه عن أي حق من الحقوق التي يمنحها له القانون وذلك رعاية للعامل كونه الطرف الأضعف في العلاقة التعاقدية.
*    استقرار الاجتهاد القضائي على بطلان الإقرار الذي يصدر من العامل أثناء فترة عمله .
*    اعتبار الحقوق العمالية دين بذمة صاحب العمل عند انتهاء عقد العمل والحكم للعامل بالفائدة القانونية من تاريخ المطالبة إذا لم يقم صاحب العمل بدفع الحقوق عند المطالبة بها.
*    الحفاظ على حقوق العامل الأجنبي في حال عدم حصوله على تصريح عمل .
*    استقرار الاجتهاد القضائي على أن عبء إثبات الوفاء بالحقوق العمالية يقع على عاتق رب العمل.
*    وضمانا لحقوق العمال فقد أوضحت المحاكم ومن خلال العديد من الاجتهادات مفهوم إعادة الهيكلة في أية مؤسسة ووجوب إشعار وزارة العمل بذلك.
*    وفى مرحلة التنفيذ القضائي تعطي الحقوق العمالية الأولوية على الحقوق الأخرى كونها تتمتع بحق امتياز عام.
*    بالإضافة لما تقدم ذكر فقد صدرت بعض الأحكام القضائية بإلزام صاحب العمل بإعادة العامل إلى عمله بعد أن ثبت أن فصل العامل من عمله كان فصلا تعسفيا.
وبالمحصلة ربما لا يتسع المجال لذكر كل ما يقوم به القضاء من اجل حماية الحقوق العمالية وحسبنا أن نذكر هنا صدور العديد من الأحكام القضائية عن المحاكم المغربية في كافة درجاتها إلى يضمن حق العامل في الإجازات ومكافأة نهاية الخدمة وبدل العمل الإضافي وبدل التعويض عن الفصل التعسفي.
وهذا بمثابة تجسيد حقيقي لدور القضاء في حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية بشكل عام وحقه في العمل بشكل خاص لان أية دولة ترعي الحقوق العمالية هي دولة الرفاه الاجتماعي، سيما إذا أدركنا أن الحق في العمل هو ركيزة أساسية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الواردة في العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية المصادق عليه من قبل الحكومة المغربية، هذه المصادقة التي تفرض على الدولة التزام برعاية الحقوق العمالية وحمايتها.
المراجع المعتمدة:
المراجع بالعربية:
*    ذ.عبد القادر باينه – القضاء الإداري الأسس العامة والتطور التاريخي دار توبقال المغرب –.
*    ذ. محمود محمد حافظ – القضاء الإداري في القانون المصري والمقارن – دار النهضة العربية ط1 1993.
*    ذ. صبيح بشير مسكوني – القضاء الإداري – منشورات جامعة بنغازي – 1974.
*  ذ. محمد علي سليمان – القضاء اليمني من عموم الولاية إلى التخصص في الرقابة على أعمال الإدارة – بحث منشور في أعمال المؤتمر السنوي الثامن لجامعة المنصورة.
*    ذ. مازن ليلو راضي – الوجيز في القضاء الإداري الليبي – دار المطبوعات الجامعية 2003.
*    ذ. طعيمة الجرف – القانون الإداري والمبادئ العامة في تنظيم ونشاط السلطات الإدارية – دار النهضة العربية 1978.
*    ذ. عبد الغني بسيوني – القانون الإداري – منشأة المعارف 1991 –.
*    ذ. محمود أبو السعود حبيب – القانون الإداري –.
*    ذ. شوقي شحاتة – مبادئ القانون الإداري – القاهرة – دار النشر بالجامعات المصرية – ج1 –.
*  ذ. عبد المنعم محفوظ – علاقة الفرد بسلطة الحريات العامة وضمانات ممارستها – المجلد الأول والثاني ط2 – دار الهناء للطباعة –.
*    ذ. عادل سيد فهيم – القوة التنفيذية للقرار الإداري – الدار القومية للطباعة والنشر – دون سنة طبعه –.
*    ذ. عاشور سليمان صالح – مسؤولية عن أعمال وقرارات الضبط الإداري . جامعة قاريونس 1997 –.
*    ذ. احمد مدحت علي – نظرية الظروف الاستثنائية – القاهرة –1978.
*    ذ. سامي جمال الدين – اللوائح الإدارية – منشاة المعارف – الإسكندرية 1984 –.
*    ذ.محمد مختار عثمان – المبادئ والأحكام للإدارة الشعبية بالجماهير – بنغازي-.
*    المادة السابعة من قانون مجلس شورى الدولة رقم 65 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 106 لسنة 1989.
*    أمر قانون الدفاع عن السلامة الوطنية رقم (1) لسنة 2004
*    التعليق العام 13 للجنة المعنية بحقوق الإنسان الفقرة 4.
*    قانون المطبوعات الصادر بالمرسوم الإشتراعي رقم 104 تاريخ 30/6/1977.
المراجع بالفرنسية:
H.W.R wade . Aministrative law 1967. -
De laubadere . Trait de droit adminstrative - 1984 p.505.-
  - Cons. Etat, Ass. Plen. 4 Oct. 1974, Dame David, D. 1975. 369, note J.-M. Auby, J.C.P. 1975. II. 17967, note R. Drago, Gaz. Pal. 1975. 1. 117, note Amson
H. Solus et R. Perrot, Droit Judiciaire Prive, Sirey, No. 248 et s.
الفهرس:
التصميم..........................................................................................................1
مقدمة.............................................................................................................3
المبحث الأول: دور القضاء العادي في حماية حقوق و حريات الأفراد..............................5
المطلب الأول: حق التقاضي.................................................................................5
المطلب الثاني: حق الإطلاع على المعلومات القضائية: التأرجح بين حاجتي العلنية والسرية..........................................................................................................8
الفقرة الأولى: حق الإطلاع في مرحلتي التحقيقات الأولية و الإستنطاقية...........................9
أولا: المبدأ......................................................................................................9
ثانيا: الاستثناءات..............................................................................................9
ثالثا: المخالفات.................................................................................................9

الفقرة الثانية: حق الإطلاع في مرحلة المحاكمات.....................................................10

أولا: المبدأ...........................................................................................................10
ثانيا: الاستثناءات...................................................................................................10
ثالثا: المخالفات......................................................................................................11
الفقرة الثالثة: حق الإطلاع على الأحكام والقرارات...................................................11
أولا: المبدأ....................................................................................................11
ثانيا: الاستثناء...............................................................................................11
ثالثا: المخالفات......................................................................................................11
المطلب الثاني: إحالة المدنيين إلى القضاء العسكري وحكم محكمة القضاء الإداري والإدارية العليا............................................................................................................12
المطلب الثالث: السياسة الجنائية بالمغرب..............................................................13
الفقرة الأولى: الاعتقال الاحتياطي......................................................................................................13
الفقرة الثانية: تفريد العقوبة أثناء المحاكمة............................................................14
الفقرة الثالثة: تفريد العقوبة على مستوى التنفيذ......................................................15
الفقرة الرابعة: سياسة الإصلاح و إعادة الإدماج......................................................16
المبحث الثاني: دور القضاء الإداري في حماية حقوق و حريات الأفراد..........................18
المطلب الأول: القضاء والرقابة على أعمال الإدارة...................................................18
الفقرة الأولى: صور الرقابة القضائية على أعمال الإدارة............................................18
أولا: نظام القضاء الموحد..................................................................................18
ثانياً: نظام القضاء المزدوج...............................................................................18
الفقرة الثانية: أهمية وجود القضاء الإداري............................................................18

أولا: ظهور القضاء الإداري...............................................................................18

ثانياً: خصوصية القضاء الإداري..........................................................................19

ثالثاً: ولاية القضاء الإداري على أعمال الإدارة........................................................20

المطلب الثاني: نشاط الإدارة العامة في مواجهة الأفراد..............................................21
الفقرة الأولى: ماهية وأغراض الضبط الإداري........................................................21

أولا: التعريف بالضبط الإداري............................................................................21

ثانياً: أنواع الضبط الإداري................................................................................22

ثالثاً: أغراض الضبط الإداري..............................................................................22

الفقرة الثانية: وسائل الإدارة في تقييد الحريات........................................................23
أولا: أنظمة الضبط الإداري................................................................................23
ثانياً: أوامر الضبط الإداري الفردية......................................................................24

ثالثا: التنفيذ الجبري.........................................................................................24

المطلب الثالث: رقابة القضاء الإداري على سلطات الضبط الإداري................................25
الفقرة الأولى: رقابة القضاء في الظروف العادية......................................................25

أولا: الرقابة على الهدف...................................................................................25

ثانيا: الرقابة على السبب...................................................................................25

ثالثا: الرقابة على الوسائل.................................................................................25

 رابعا: رقابة الملائمة.......................................................................................25
الخاتمة.........................................................................................................26
المراجع المعتمدة.............................................................................................28
الفهرس........................................................................................................29


[1] التعليق العام 13 للجنة المعنية بحقوق الإنسان الفقرة 4.
[2] آخر إشارة إلى محاكمات جرت أمام محكمة الميدان العسكرية ووردت في بيانات المنظمات الحقوقية تعود إلى عام 2004- انظر بيان اللجنة السورية لحقوق الإنسان:محكمة ميدانية عسكرية تصدر أحكاما عشوائية على معتقلي داريا-14-2-2004- . بدون أن يعني ذلك أن محاكمات أخرى لم تجر بعد هذا التاريخ أمام هذه المحكمة وفقا لمحامين التقينا بهم أثناء إعداد هذا التقرير.
[3]   يخرج عن إطار هذه المقالة، حق المتقاضين أنفسهم بالإطلاع على المعلومات المتعلقة بالمحاكمة التي تعنيهم، وهو من المبادئ الأساسية التي تعني المحاكمات العادلة.
[4]  المادة 12 من قانون المطبوعات الصادر بالمرسوم الإشتراعي رقم 104 تاريخ 30/6/1977.
[5]  Cons. Etat, Ass. Plen. 4 Oct. 1974, Dame David, D. 1975. 369, note J.-M. Auby, J.C.P. 1975. II. 17967, note R. Drago, Gaz. Pal. 1975. 1. 117, note Amson
[6]  المادة 376 محاكمات مدنية: "تكون المحاكمة علنية إلا إذا أوجب القانون أو أجاز إجراءها سرا أو في غرفة المذاكرة".
[7]  المادة العاشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: "لكل إنسان، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة، نظرا منصفا وعلنيا، للفصل في حقوقه والتزاماته وفي أية تهمة جزائية توجه إليه". المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية: "الناس جميعا سواء أمام القضاء. ومن حق كل فرد، لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية، منشأة بحكم القانون".
[8]  H. Solus et R. Perrot, Droit Judiciaire Prive, Sirey, No. 248 et s.
[9]  المادة 12 من قانون المطبوعات الصادر بالمرسوم الإشتراعي رقم 104 تاريخ 30/6/1977.
[10]  تجدر الإشارة هنا إلى الفارق ما بين مبدأي العلانية والوجاهية . المادة 373 م.م.:"يجب على القاضي، في أي حال، أن يتقيد وأن يفرض التقيد بمبدأ الوجاهية. فلا يجوز له أن يعتمد في حكمه أسباباً أو إيضاحات أدلى بها أحد الخصوم أو مستندات أبرزها إلا إذا أتاح للخصوم الآخرين مناقشتها وجاهياً. ولا يصح إسناد حكمه الى أسباب قانونية أثارها من تلقاء نفسه دون أن يدعو الخصوم مقدما إلى تقديم ملاحظاتهم بشأنها."
[11]  H.W.R wade . Administrative law 1967 p . 11 .
[12]  د. صبيح بشير مسكوني – القضاء الإداري – منشورات جامعة بنغازي – 1974 ص 81 .
[13]  ذ. محمود محمد حافظ – القضاء الإداري في القانون المصري والمقارن – دار النهضة العربية ط1 1993 , ص 14 .
[14]  ذ. مازن ليلو راضي – الوجيز في القضاء الإداري الليبي – دار المطبوعات الجامعية 2003 ص 7 .
[15]  ذ. عادل سيد فهيم – القوة التنفيذية للقرار الإداري – الدار القومية للطباعة والنشر – دون سنة طبعه – ص 103 .
[16]  ذ. محمود محمد حافظ – المصدر السابق – ص 14
[17]  ذ. عبد المنعم محفوظ – علاقة الفرد بسلطة الحريات العامة وضمانات ممارستها – المجلد الأول والثاني ط2 – دار الهناء للطباعة – القاهرة ص 16 .
[18]  ذ. محمد علي سليمان – القضاء اليمني من عموم الولاية إلى التخصص في الرقابة على أعمال الإدارة – بحث منشور في أعمال المؤتمر السنوي الثامن لجامعة المنصورة ص 15 .
[19]  ذ. عبد المنعم محفوظ – علاقة الفرد بالسلطة – المصدر السابق ص16 .
[20]  المادة السابعة من قانون مجلس شورى الدولة رقم 65 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 106 لسنة 1989 .
[21]  De laubadere . Trait de droit administrative - 1984 p.505 .
[22]  ذ. طعيمة الجرف – القانون الإداري والمبادئ العامة في تنظيم ونشاط السلطات الإدارية – دار النهضة العربية 1978 ص 471 .
[23]  ذ. صبيح بشير مسكوني – القضاء الإداري – المصدر السابق ص 87 .
[24]  ذ. عبد الغني بسيوني – القانون الإداري – منشأة المعارف 1991 – ص379 .
[25]  ذ. سامي جمال الدين – اللوائح الإدارية – منشاة المعارف – الإسكندرية 1984 – ص308 .
[26]  ذ. شوقي شحاتة – مبادئ القانون الإداري – القاهرة – دار النشر بالجامعات المصرية – ج1 – 1955 ص 343 وما بعدها .
[27]  ينظر:
          ذ. عبد الغني بسيوني – القانون الإداري – المصدر السابق – ص 287.
          ذ. عاشور سليمان صالح – مسؤولية عن أعمال وقرارات الضبط الإداري . جامعة قاريونس              
                      1997 – ص179 .
[28]  ذ. محمد مختار عثمان – المبادئ والأحكام للإدارة الشعبية بالجماهير – بنغازي- ص 556.
[29]  ذ. عبد الغني بسيوني – المصدر السابق-ص931.
[30]  ذ. محمود أبو السعود حبيب – القانون الإداري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمكنكم الانضمام الى متابعينا في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي للتوصل بكل جديد hgerht, التقافة القانونية في مختلف المواضيع اليومية

في الموقع الان

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *