المال وتقسيماته
مقـدمـة:
المال لغة: من المول وأصله مال يمول مولا، ومؤولا، أي أكثر ماله ويجمع على أموال وهو ما يملكه الإنسان من كل شيء .
في اصطلاح الفقهاء: اختلف تعريف الفقهاء للمال تبعا لاختلافهم في أحكامه على اصطلاحين رئيسيين هما اصطلاح الحنفية واصطلاح الجمهور.
1- اصطلاح الحنفية:
عرف المتقدمون من فقهاء المذهب الحنفي المال بتعريفات كثيرة وهي وإن اختلفت في ألفاظها إلا أنها تتفق في معناها ومرماها.
وأوضحها تعريفه بأنه عين يجري فيه التنافس والابتذال أي بذل العوض وبهذا المعنى لا يعتبر الشيء مالا وفقا للإصلاح الحنفي إلا إذا توفر فيه عنصران:
العنصر الأول:
العينية بأن يكون الشيء ماديا له وجود خارجي ذلك أن العين يراد منها الشيء المادي الذي له مادة ويتأتى إحرازه وحيازته .
العنصر الثاني:
التمول: يقصد بالتمول التنافس وبذل العوض وذلك بأن تجري عادة الناس كلا أو بعضا على التنافس على هذه العين وحيازتها وفي سبيل الحصول عليها يهون عليهم بدل أموالهم، فإذا كان الشيء لا يجري عليه التنافس بين الناس ولا يبذلون فيه أموالهم لا يكون مالا.
2- اصطلاح الجمهور:
عرف جمهور الفقهاء ومنهم الشافعية والحنابلة والمالكية المال بعدة تعريفات يؤخذ منها أن المال يطلق على كل ماله قيمة مادية بين الناس وأجاز الشارع الانتفاع به في حاله السعة والاختيار وينضج لنا أن مالية الأشياء في اصطلاح جمهور الفقهاء، أن الشيء لا يكون مالا إلا إذا توفر له عنصران.
العنصر الأول: أن يكون الشيء له قيمة بين الناس سواء كان عينا أو منفعة ماديا أو معنويا.
فلو كان الشيء تافها لا قيمة له بين الناس، لا يكون مالا عينا أو منفعة كحبة قمح .
العنصر الثاني: أن يكون الشيء قد أباح الإسلام الانتفاع به في حالة السعة والاختيار كالحبوب والإبل والعقارات. أما إذا كان الإسلام حرم الانتفاع به كالخمر والخنزير ولحم الميتة فإنه لا يكون مالا.
وبالمقارنة بين اصطلاحي الحنفية وجمهور الفقهاء يظهر مدى بينهما من اختلاف في مالية الأشياء.
ذلك أن الحنفية لا يعتبرون المنافع أموالا كما أنهم يعتبرون الخمر والخنزير ونحوهما مما يتعامل فيه غير المسلمين من أهل الذمة أموالا.
بين يذهب جمهور الفقهاء إلى أن المنافع أموال لأن مصادرها وهي الأعيان يجري عليها الإحراز والحيازة ولم يعتبر الجمهور الخمر والخنزير أموالا بالنسبة لمسلم ولا بالنسبة لغيرهم، لعدم إباحة الإسلام الانتفاع بهما.
هذا وإن كان متقدموا الحنفية يرون أن العينية إحدى عنصري المالية فإن متأخريهم قد أطلقوا المال على الأعيان والمنافع وعلى كل ماله قيمة نقدية وعلى ذلك فلا تتطلب المالية للأشياء، سوى إمكان تقديرها بالنقد أي أن الشيء إذا كان له قيمة فإنه يكون مالا.
وابتناء مالية الشيء على القيمة وفقا لهذا الإطلاق سوف يسمح بتوسيع دائرة الأموال، وبخاصة في هذا العصر الذي اتسم بالتطور العلمي والحضاري، ليشمل أشياء لم تكن معروفة من قبل مادام يمكن تقديرها بالنقود ومن ذلك الأشياء المعنوية فيما يعرف بالحقوق الذهنية أو حقوق الابتكار.
هذا هو مفهوم المال في الفقه الإسلامي أما المال في القانون فهو كالتالي:
المال في القانون:
يكاد القانون يتفق مع إطلاق المتأخرين من فقهاء الحنفية ويتقارب كثيرا من اصطلاح جمهور الفقهاء. ذلك أن المال في الفكر القانوني هو الحق ذو القيمة المالية، وبعبارة أخرى كل ما له قيمة مادية يعتبر في النظر القانوني مالا، عينا كان أو منفعة أو حقا من الحقوق العينية أو الشخصية وذلك كحق الامتياز وحق استعمال عناوين المحلات التجارية وحقوق الابتكار.
إذن ما هو مفهوم المال والتقسيمات المعتمدة في كل من النظرية التقليدية والحديثة وما هو موقف المشرع المغربي من تعريفه للمال ؟
وهل نعتبر الحقوق أو حقوق الابتكار بالإضافة إلى المعلومات حقوق مالية في نظر المشرع المغربي.
وعليه سنقسم موضوعنا إلى:
مبحث أول: مفهوم المال وتقسيماته في كل من النظريتين التقليدية والحديثة
مبحث ثاني: تطور المال بالقانون المغربي
المبحث الأول: مفهوم المال وتقسيماته بين النظريتين التقليدية والحديثة
هناك نظريتان أساسيتان تتنازعان مفهوم المال، نظرية تقليدية وتجعل من الشيء أساسا لتعريف المال، فللمال تعريف واسع يشمل الحقوق والأشياء على السواء ونظرية حديثة تجعل مفهوم المال يقتصر فقط على المنافع المتقدمة والمتحصلة من الأشياء وبالتالي تجعل مفهوم المال يتركز في الحقوق فقط لأن الأشياء ما هي سوى محل لهذه الحقوق .
المطلب الأول: النظرية التقليدية لمفهوم المال وتقسيماته
كان ينظر إلى الأموال في ظل النظرية التقليدية، والتي تأخذ بالحقوق والأشياء بالمفهوم الواسع، على أنها نوع من الأشياء بحيث كانت تقتصر على الأشياء القابلة للحيازة والتملك، والتعامل فيها ومن تم فقد كانوا يعرفون المال بأنه كل شيء نافع للإنسان ويصح أن يستأثر به دون غيره ويكون محلا للحق.
وبالتالي كانت الأموال قديما محصورة في العقار بالدرجة الأولى يليه المنقول إضافة إلى الحقوق العينية.
ولقد اهتمت مختلف التشريعات بالعقار وهو كل شيء قار وثابت أي الأرض وما اتصل بها لكونه يعتبر موردا اقتصاديا لا ينضب.
فضلا على أن العقارات المادية تؤلف عنصر الثروة الأساسية ولم تكن المنقولات غلا من التوافه الرخيصة ولهذا لقيت وحدها اهتماما خاصا في التشريع. إلا أنه مع تطور الحياة الاجتماعية والاقتصادية ظهر إلى جانب المعيار المادي للعقارات معيار معنوي اعتبرت بمقتضاه المنقولات والحقوق الملحقة بالعقارات المادية من العقارات تعامل معاملتها لتتمتع بالحماية المعنوية للأموال غير المنقولة .
وبالتالـي دأب فقـهاء الشـريعة الإسلامية وعلماء القانون المـدني على تقسيم المال أو الأشياء ذات القيمة الاقتصادية إلى عقار ومنقول.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق